القائمة الرئيسية

الصفحات

 

التنقيب عن المياه الجوفية بطرق تقنية

بسم الله الرحمان الرحيم

underwater


البحث عن المياه الجوفية مجال لا يختلف اختلاف جذري عن أنماط البحث الأخرى ، ولا يخرج عن سياق عالم الإستشعار لا بشكل ولا بآخر ، بل يندرج تحت لواء علم الراديسثيزيا والبارسيكولوجيا بقواعد وأسس علمية محكمة ، لأنه لا وجود للعبثية والعشوائية في خلق الله ، كما أن هناك نقاط تشارك بين التنقيب عن المياه الجوفية وبين أصناف البحث الأخرى  ، ولو أن التنقيب عن المياه الجوفية نسبيا يعد من أسهل عمليات البحث الميداني نظرا لأمور عدة سنتطرق لها في مواضيع لاحقة ، لها علاقة بأنواع التسريبات وانواع المياه الجوفية وغيرها ، إلا أنه رغما عن ذالك ينبني على قواعد جذرية يجب مراعاتها قبل وأثناء البحث ، بحيث نجد أوجه تشارك عدة مع كافة أنماط البحث الأخرى وفوارق كثيرة من حيث الاستراتيجيات والطرق ، فالمعدن كمثال علميا ومنطقيا لا يتماثل مع الماء ولا مع الكائنات العضوية وغيرها ، إذن فمن المنطقي أن يكون نمط البحث مختلف نسبيا ، وهنا لا نتكلم عن الهالات بقدر ما نتكلم عن مستويات أكثر تعقيدا وعمقا ، فهالة الماء ظاهريا لا تختلف اختلاف كبير عن هالة المعدن ، لاكن كلما نزلنا إلى مستويات كمومية أدق نبدا في ملاحظة وجود اختلافات كبيرة جدا ، وفرق شاسع بين هالة المعدن وهالة الماء ، وهنا سأتقدم بمثال بسيط عن الموجات الكهرومغناطيسية كي نفهم جميعا هذه النقطة ، فالدماغ يستطيع إرسال موجات ثيتا تقدر بما بين أربعة وثمانية هيرتز ، وعلم الإستشعار يقول بأن الإنسان يستطيع الكشف عن بعد وعن القيام بقنقتة الخرائط وأمور يصعب تصديقها ، فهل يعقل أن تكون ثمانية هيرتز قادرة على بلوغ الآفاق ، علما بأن جهاز كاشف المعادن يستطيع إرسال أربعون ألف هيرتز أو يزيد ، ولا تتعدى قدرته على استشعار المعدن إلا أربعون سنتيمتر ، فكيف يستطيع العقل إقامة تواصل بينه وبين الشيء المرغوب فيه ، هنا نستنتج بأن هناك مستويات أدق وأدق مما قد نتصور ، وفضلا عن ذالك قام بعض العلماء بتجربة علمية لنقلة من ذوات القوى العقلية الخارقة ، إذ تم وضعهم في زنزانات مدعمة بدعامات وأساسات من معدن الرصاص ، وذالك بغية حجب الموجات الكهرومغناطيسية التي يرسلها الدماغ ، ورغما عن ذالك تمكن هؤلاء الأشخاص من كشف أشياء يصعب تصديقها ،.

إذن وبالرجوع لموضوعنا فإن كل هذه البنى والفوارق بين أنواع البحث كلها لا تدخل ضمن إطار المصادفة ولا تنبنى على أسس السحر والشعودة ، بل وتتخللها ركائز علمية دقيقة وقواعد استراتيجية تتيح للباحث دقة في البحث ونظرة ثاقبة حول المحيط الجغرافي المراد بحثه ، ولو أن هاجس المحيط هذا لا يكترث له معظم الباحثين ولا يصنف من ضمن الأولويات ، إلا أنه يشكل لبنة أساسية وركيزة معتمدة يجب وضعها بعين الإعتبار قبل البدئ في الفحص ، ولطالما تكلمنا في مواضيع كثيرة عن استراتيجيات البحث من دراسة الانحنائات والرطوبة والصدوع والفجاج والفوالق والنباتات وغيرها كمبادئ أولية ، يأتي الدور اليوم على واحدة من بين أهم التقنيات الأساسية في البحث الميداني ، فأي خبير كان يقتحم الموقع بحسب المتداول على الشبكة العنكبوتية وموقع اليوتيوب ، ثم يتمركز بشكل عشوائي وفي أي نقطة كانت دون مراعات لطبيعة الموقع ولا لنوع التربة ولا لمقدار النفاذية ولا حتى لطبيعة الصخور الصلدة ، ليبدأ بالبحث استنادا لطرق تقليدية تمكنه من تحديد ثلاث مجاري أو أربع تقوده مباشرة لنقطة مركزية ذات صبيب جيد وعالي ، ودون أي مراعاة لهامش العمق والصبيب خلافا لكل مجرى ، كي نستطيع الجزم بكون أن هذا المجرى من المحتمل أن يتجمع في نقطة محورية مع المجاري الأخرى التي توازيه في العمق ، كما من شأنه أن يعطينا منسوب الصبيب النهائي بعد جمع القيم ، ثم يختم الباحث في النهاية بحساب منسوب الصبيب في نقطة التجمع المركزية وينهي بذالك العمل في غضون ربع ساعة أو أقل ، لاكن لرصد كل المجاري التي تقتحم وتخترق الأرض من المحيط إلى المحيط ، وجب علينا رصدها شموليا بجوب المحيط كاملا كي تتنسى لنا فرصة رصد كافة الينابيع والمجاري التي تدخل وتخرج .

فنحن نعلم بأن المياه الجوفية عبارة عن سيول جارية ، هذه السيول تدخل لمحيط الأرض من جانب ثم تخترقه من الجانب الآخر لتمتد بعد ذالك إلى أماكن أخرى ، بحيث أن المجرى الرئيسي نفسه تنطبق عليه هذه القاعدة ، إذن لرصد جميع المجاري المائية لا يجوز علينا بداية التمركز في مكان عشوائي لتفادي المصادفة ، بل ونقيم البحث مع امتداد المحيط تتبعا لشكل الموقع الهندسي ، حتى نحدد كافة النقاط الأساسية اعتمادا على ضبط الاهتزازات واعتمادا على الخبرات الواعية التي ترافقنا طيلة عملية البحث ، ثم بعد ضبط أول مجرى نحدد اتجاه المياه الجوفية ونقوم بحساب العمق والصبيب وعرض المجرى ، ثم نقيم نفس هذه العملية على أي نقطة نحددها إلى أن ننتهي ، وبهذا نستطيع معرفة كافة السيول التي من المحتمل أن تتجمع في نقطة مركزية استنادا للمعطيات والبيانات التي تم استجماعها ، وبناء على طريقة علمية ممنهجة بعيدة كل البعد عن أساليب المصادفة وأساليب السمو فوق الوعي بغير وعي ، وللإشارة فقط هناك أمر مهم جدا يخص ملاك الأراضي الزراعية أو الذين يودون حفر آبار أرتوازية ، فعند جلب الخبير لفحص الأرض وخصوصا الأراضي ذات المساحات الشاسعة حاولوا إقامة الفحص ليلا ، ثم بعد الانتهاء من تحديد نقطة التجمع حاولوا إخفاء العلامة التي حددها الخبير بعيدا عن ناضريه ، ثم في اليوم الموالي أحظروه ليحدد لكم نفس تلك النقطة التي حددها ليلة البارحة ، ستلاحظين بأن النقطة التي حددها ليلا ليست هي نفسها التي حددها نهارا ، وبذالك ستعلمون بأن كثرة السيول ستبعثر أوراق الباحث أيا كان إن لم تكن لديه قواعد بنائة في ظبط البحث ،  وأما الباحث الذي يعتمد على قواعد علمية أيا كانت وله القدرة على ضبط بؤر الإهتزازات يستطيع تحديد نقطة التجمع بدقة متناهية .

وبالعودة إلى موضوعنا نحث كذالك على دراسة اتجاه المياه الجوفية ، لأنه يعتبر بندا أساسيا في عملية البحث ، فأحيانا قد نجد مجاري متعاكسة مع المجرى الرئيسي وعلى أعماق مختلفة ، واحيانا تكون الاعماق متقاربة ، ويسوقنا العقل الباطن إلى ما لا يحمد عقباه ، فالقنقنة عوالم محتملة يجب فيها وضع كل الاحتمالات الممكنة ، والإقدام دائما على الاجتهاد لسك قواعد علمية بنائة تنسف الكلاسيكيات والعشوائيات .

عموما كل الخطوات التي تقدمها بها في طرحنا هذا يجب الإقدام عليها عند تحديد كل مجرى تماشيا مع محيط الأرض ، ثم هكذا ذواليك إلى أن نطوف محيط الأرض بشكل كامل ، وتسجيل كافة البيانات بغرض رسم جيوفيزيائي يعطينا نظرة تقريبية لما يجوب تحت أقدامنا ، ولمعرفة المجرى الرئيسي بين قوسين نعود لهذه المعطيات التي سجلنا سالفا لنبحث عن المجرى الأعرض والأعلى منسوبا ووفرة للمياه .

 

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات