القائمة الرئيسية

الصفحات

 

الإستشعار والفرق بين المعادن

بسم الله الرحمان الرحيم

أسياخ النحاس
الإستشعاروالفرق بين المعادن


يتجدد لقائنا بكم مرة أخرى للغور في عالم الأسرار والبحث في ثنايا العلوم ، فكل يوم نتعلم ونكتشف أمور جديدة ، وكل يوم نحاول أن نرى الحقيقة بوضوح تام لإدراك العالم من حولنا ولو بشكل نسبي ، فلولا الفيزياء النظرية لما تقدم العلم ولما ظهرت نظريات متطورة تفتح آفاق بحث جديدة ، فكل شيء يقع محط شك وريبة قد يخفي بداخله علم لم يكن ليرى النور لولا أن أدركه الشك ، عموما موضوعنا التالي لا يخرج عن سياق الفيزياء النظرية ، ولا يخرج عن إرادة العقل والمنطق ، وهذا الباب من شأنه أن يطور من علم الإستشعار وأن يزيد من فهمنا السطحي نحو بنى المعادن والعناصر البيولوجية ، هذا إن تم فهم النظرية بشكل سلس وتم توضيفها بالطريقة الصحيح ، لأنها ترمي في الأساس إلى خلق توازن بين كافة العناصر المراد البحث عنها .

مبدئيا لدينا طرح إشكالي داع صيته في الآونة الأخيرة وصار يلقى بهامش الخطأ حول إمكانية الإلكترونات في التحكم ببنى المعادن ، أو بعبارة أصح قدرة الإلكترونات على تغيير المعادن من صيغة إلى صيغة آخرى ، باعتبار أن العدد الذري هو اللبنة الأساسية التي من شأنها أن تتحكم في زمان الأمور ، فالمعدن عند دخوله في نشاط كميائي ، ثم فقد أو اكتسب إلكترونات فسيتحول مباشرة للمعدن الذي يوازيه من حيث عدد الإلكترونات بحسب الجدول الدوري ، وكمثال بسيط جدا كي نفهم جميعا المغزى من هذه الأطروحة ، سنحاول وضع مقاربة بين معدني الذهب والزئبق ، ولو أن الذهب معدن خامل لا يدخل في نشاطات كيميائية وعزمه المغناطيسي يساوي صفر ، إلا أننا سنضع هذه المقاربة رغما عن ذالك لتوضيح الأمر فقط ، عموما الذهب عدده الدوري تسعة وسبعون وأما الزئبق فعدده الدوري ثمانون ، وهامش الفرق بين كلا الذرتين يتجسد في إلكترون واحد ، فإذا تأين معدن الذهب ودخل في حالة اختزال باكتسابه ذالك الإلكترون فسيتحول مباشرة إلى معدن زئبق بدون شروط ولا قيود ، لأنه سيصير بطبيعة الحال مساوي تماما لعدد إلكترونات الزئبق ، وهذه طبعا هي الأطروحة أو الطرح الإشكالي الذي وردنا في الآونة الأخيرة ، طبعا هذا خطأ فادح جدا لا يقبله الفيزياء لا بشكل ولا بآخر ولم يرد مطلقا في أي مصدر من قبل ، لأن المشكل في المركبات وليس في التفاعلات الكيميائية ، وهذا ما كان يحوم حوله قدماء الخيميائيين في محاولات فاشلة لتصنيع معدن الذهب ، عموما سنحاول جاهدين إيضاح الأمر قدر الإمكان كي تتضح الرؤيا للجميع ، ومن ثما سنخرج بنظرية جدا مهمة تلقي بظلالها على علم الإستشعار ، ومن شأنها أن تجد عقلا يستطيع بلورتها وتحويلها إلى شيء ملموس ، وبداية سنعاود طرح مقاربة أخرى أو مفارقة بين معدني الحديد والفاناديوم بنفس الطريقة التي مثلنا بها على معدني الذهب والزئبق ، ومن ثما سنعدد لكم الإختلافات ، وللتذكير فقط فإن العدد الدوري لمعدن الحديد هو ستة وعشرون إلكترون بينما الفاناديوم فتتألف ذراته من ثلاثة وعشرون إلكترون ، أي أن الفرق في عدد الإلكترونات هو ثلاثة لصالح معدن الحديد ، فهل يا ترى عدد الإلكترونات هو من يتحكم في شكل وطبيعة المعدن أم هناك فواصل أخرى يجب مراعاتها قبل الجزم في صحة هذه الأطروحة ؟ مبدئيا الجواب ممكن ، لأن جملة المركبات الكيميائية التي تدخل في تشكل المعادن ، تفضي بنا إلى خلق ذرات متوازنة بعدد معين من الإلكترونات إن لم تدخل في نشاط كيميائي ، وإن دخلت في نشاط كيميائي فإن الإلكترونات قد تقل أو تزيد بينما البروتونات تبقى ثابتة إن لم يحدث هنالك انشطار نووي ، ومنه فإن الذرة تصير غير متعادلة كهربائيا في حالة الأكسدة أو الإختزال ، وبذالك تحدث زيادة في فرق الجهد ، بينما النواة تضل على ما هي عليه في أغلب الحالات تقريبا ، وبالعودة إلى الحديد والفاناديوم ، ولنفترض بأن ذرات الحديد فقدت ثلاث إلكترونات ، ليتحول بذالك الحديد إلى ثلاثي أكسيد الحديد ، ويصير عدده الدوري يساوي تماما العدد الدوري لمعدن الفاناديوم ، فهل يا ترى هذا التطابق من شأنه أن يحول الحديد إلى معدن فاناديوم ، الجواب طبعا لا ، لأن الإختلاف سيضل موجود في عدد البروتونات وفي التوزيع الإلكتروني وخاصة في مستويات الطاقة الرئيسية والفرعية وحتى في مقدار العزم المغناطيسي ، أي أن الإختلاف بين الحديد والفاناديوم سيضل قائما إلى الأبد ، وفي حالة ما إذا أعدنا صهر ثلاثي أكسيد الحديد سيعاد تجديده مرة أخرى مع نقصان نوعي في الكثافة والجودة ، لاكن رغما عن ذالك سيبقى الحديد حديدا والفاناديوم فاناديوم .

عموما سننتقل إلى المرحلة الموالية وإلى ما هو أعمق بناء على كل تقدمنا به ، ولنفترض أن الحديد بعدما دخل في نشاطه الكيميائي وتحولت ذراته تحولا جذريا مطابقا بنسبة مئة في المئة لذرات معدن الفاناديوم ، أي أن ذرة الحديد صارت تماثل ذرة الفاناديوم في العدد الدوري وفي التوزيع الإلكتروني وفي العزم المغناطيسي وفي عدد البروتونات والنيوترونات وكل شيء ، أي صارت ذرة الحديد نسخة طبق الأصل لذرة الفاناديوم ، فهل سيتحول معدن الحديد إلى معدن فاناديوم ؟ الجواب قطعيا لا لماذا ؟ لأن مركبات معدن الحديد ببساطة شديدة ليست هي نفسها مركبات معدن الفاناديوم مهما كان التطابق كبيرا ، وجملة المركبات الكيميائية هي من يعطي للحديد وللفاناديوم خصائصهم الفيزيائية والكيميائية ، أي أن الإختلاف قائم ما دامت المركبات تختلف اختلاف جذري ، ومنه سنأتي للنظرية الفيزيائية التي من شأنها أن تعطي دفعة نوعية لعلم الإستشعار ولربما ستقلب الموازين في قادم الأيام ، هذه النظرية التي تقول بأنه مهما اختلفت المعادن شكلا وغيرتها التفاعلات الكيميائية لتصير نسخ طبق الأصل فإن الإختلاف الحاصل يوجد في مستويات ما أدنى من الذرة ومن الإلكترون ومن الكواركات ومن غيرها ، ولتقريبكم أكثر من هذه النظرية وفهمها جيدا ، نستطيع القول بأن إلكترون الحديد والفاناديوم ولو أنهم جسيمات أولية تتطابق شكلا لاكن تختلف مضمونا ، وأن هذه الإلكترونات لو قمنا بتحليلها تحليل كيميائي لوجدنا بأن الإختلاف بين كلا المعدنين كبير جدا ، وأن الظاهر الكمي ليس هو الظاهر المطلق الذي نراه بالعين المجردة ، فكما يوجد للإنسان خبر وراثي فللجسيمات أيضا خبر كيميائي ، والإنسان كوحدة يتطابق شكلا من حيث الأطراف والأعضاء والأنسجة والخلايا والعظام  ، لاكن يختلف مضمونا من حيث الحمض النووي ومن حيث رسمة البصمة ، نفس الشيء ينطبق على المعادن وعلى كل أشكال الحياة ، فلا وجود لتطابق في وحدة كيفما كانت حتى ولو كانت تتطابق شكلا ، وإن تم توضيف هذه النظرية توضيف صحيح على قضبان الإستشعار لخلق اهتزازات تتخطى مستويات ما تحت كمية ، فإن نسبة الخطأ ستتقلص بشكل ملحوظ جدا ، وبهذا نستطيع أن نبحث عن المادة أو المعدن المراد اصطياده مع نسبة خطأ ضعيفة جدا ، ولو تتذكرون ذات مرة كنا قد أسدينا نصيحة حول إمكانية البحث عن الذهب بسيخ من معدن ذهب والفضة بسيخ من معدن فضة ، فقط لمطابقة الإهتزازات ومطابقة المادة بالمادة لتفادي الوقوع في الهالة الأقوى والأقرب بل وفرز نوعية الإهتزاز ، والنظرية هذه في الأساس قابلة أيضا للشد والمد وقابلة لإعادة الصياغة مرة أخرى لأنها عبارة عن استنتاجات توصلت إليها والله ولي التوفيق .

 

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات