الهالة
الهالة
أو الأورا عبارة عن مصطلح مشتق من اللغة اللاتينية والإغريقية القديمة ، وهي كلمة
يعزى بها الرياح أو النسمات أو الأنفاس ، أي بمعنى الشيء القابل للإدراك والغير
مرئي ، أو شيء يدخل ضمن علم الماورئيات أو الميتافيزيقا ، إذ تعود أصول التسمية
هذه إلى قسيس سابق في إحدى كوانس إنجلترا يدعى تشارلز ويبستر ليد بيتر ، وهو أحد
أعضاء الجمعية الثيوصوفية الباطنية والذين تم سقلهم على يد رموز الثيوصوفية في الهند
، وكان من أشهر الكتاب المهتمين بالشق الروحاني الباطني ، بحيث يعتبر أحد الكتاب المرموقين
الذين أبدو إسهامات كبيرة جدا في شق الروحانيات ، وأبانوا عن بعض الأمور التي لا تزال
محط جدل إلى يومنا هذا ، كعلاقة الهالة بالنشوء الأخلاقي وإدراج فكرة التانترا في
الشاكرات ، طبعا التانترا عبارة عن مذهب صوفي يسعى إلى تحقيق الكمال الروحي من
خلال بعض الممارسات المؤهلة للتحكم في النفس ، ومن أهم كتب تشارلز التي استلهمت القراء
كتاب الإنسان المرئي واللامرئي الذي تم إصداره سنة 1903 وكتاب الحياة الداخلية سنة
1910 ، وهي مؤلفات تبنت الإنسان الماورائي الحقيقي والذي يرتاد الإنسان العضوي المادي
في جميع أشكال الحياة ، ليأتي الدور بعدها على اقتراح سيمون دافيدوفيتش كيرليان
سنة 1939 ، والذي عرف اسمه حاليا باسم التصوير الفوتوغرافي الكيرلياني ، يقول
سيمون بأن تعريض عضو ميت مموضع على صحيفة فوتوغرافية لجهد كهربائي عالي جدا ، يولد
صورة نمطية للعضو وهو محاط بتوهج نوراني يطوق العضو كاملا ، إذ أن فكرته هذه حظيت
بترحيب كبير جدا من طرف المهتمين ، وتعرضت للشد والمد انطلاقا من بعض الدراسات
السريرية التي أقيميت على بعض الكائنات الميتة ، وأثبتت أن القوة الكهربائية هي من
يولد ذالك التوهج بسبب تأين الغاز في محيط الكائن .
طبعا هناك
تضاربات كثيرة بين مؤيدي هذه النظرية وبين معارضيها ، وكي لا نستخف بعقول العامة
ونزيد الطين بلة ، سنستحظر تجربة 3 باحثين ألمان توصلوا إلى إمكانية إطلاق نبضة
ضوئية ثم إيقافها لمدة زمنية قصيرة قبل أن تتحرر مرة أخرى ، وهم جورج هينز وتوماس
هالفمان وكريستيان هوبريش ، هذه التجربة التي تم فيها استخدام تقنية الشفافية
الكهرومغناطيسية المستحثة للحفاظ على بعض المعلومات الكمومية ، واستخلاص استنتاجات
مهمة جدا لبعض الظواهر الغريبة كالتشابك الكمي وخلافه ، بحيث أثبتت التجربة أن الطاقة
تخترق المادة ثم تتبدد بعد ذلك مرة أخرى ، ووقوفا عند هذه التجربة فهي ليست معقدة
بالقدر الكافي كما قد يظن البعض ، لأن توقيف الضوء مبدئيا ليس بالأمر المستحيل أو
المعقد ، ولفهم التجربة بشكل جيد جدا سنستحظر سرعة الضوء في الفراغ ، هذه السرعة البالغ
قدرها نسبيا 300.000 كيلومتر في الثانية ، هي سرعة ثابتة في الفراغ فقط ، لاكن إذا
تغير محيط الإنتشار من الفراغ إلى محيط أكثر كثافة كالصخور و المياه والغازات فإن
سرعة الضوء ستقل بشكل لحظي وملاحظ ، والفوتونات باعتبارها المركب الأساسي للضوء المرئي
، فهي مجرد جسيمات أولية ناقلة للطاقة ، إذ بمجرد اختراقها للمادة تفقد أجزاء مهمة
من خواصها كالسرعة والطاقة والإتجاه ، وهذا دليل قاطع يدين بعض ممتحني العلم بغير علم
حول انكسار الموجات أو الإزاحة ، هذا بدون الحديث عن مبدأ الشك لهايزنبرغ الذي
يثبت مرة أخرة أن الجسيمات غير قابلة للضبط أو القياس لأنها تخضع لاصطدامات كمومية
تمكنها من تغيير مسارها .
وبالعودة
إلى الفوتونات فإن الإلكترونات تستفيد من طاقتها وطاقة الإيثر للقيام بالقفزة
الكمومية أو انتقالها بين مستويات الطاقة ، لذا فإن المادة نفسها تعتبر خزان ومصدر
ناقل للطاقة انطلاقا من تجارب هؤلاء الباحثين ، أي بصريح العبارة أن المادة تعتبر شكل
من أشكال الطاقة ، وهذا الإستشهاد موجود في الفيزياء تحت مسمى الطاقة الكامنة ، لأن
الطاقة الكامنة هي الطاقة التي يحتفظ بها جسم ما في حالة السكون أو الطاقة التي
يبديها في حالة الحركة ، والأجسام في حالة السكون تتمتع بنشاطات كيميائية عديدة جدا
وعدم استقرار ، وهذا النوع يطلق عليه باسم الطاقة الكامنة الكيميائية ، ولضمان هذا
النشاط الكيميائي كان ولا بد من ظرورة وجود مصادر أخرى للطاقة كالضوء المرئي مثلا
، وبهذا يستمر النشاط في تخزين الطاقة وتفريغها تناسبها مع الظروف الطبيعية
الصارمة ، وبالعودة إلى نظرية النسبية فهناك مقولة شهيرة جدا تقول بأن المادة
والطاقة وجهان لعملة واحدة ، وبناء على معادلة الطاقة لإنشتاين سنحاول إطباقها على
1 غرام من المادة ، لنرى كمية الطاقة التي نستطيع استخلاصها في النهاية ، والمعادلة
مبدئيا تقول بأن الطاقة تساوي الكتلة في مربع سرعة الضوء ، أي بمعدل حاصل يساوي
90.000.000 جول ، تخيل معي هذا المقدار التافه من الكتلة قادر على تحرير هذا الكم
الهائل من الطاقة الذي يصعب تخيله ، وهذا دليل آخر يدين بعض ممتحني العلم بغير علم
حول كيكون الهالة وعلاقتها بالطاقة ، والطاقة مبدئيا لا يقتصر تعريفها في مفهوم
الإشعاع الناجم عن المادة وحسب ، بل هي إحدى تجليات الوجود المطلق وإحدى صور
الحياة المادية واللامادية ، وهي مكون أزلي لا يفنى ولا يندثر ، وهذه النقطة
سنعاود الرجوع لها ضمن طرحنا هذا ، وكتعريف مبسط لمفهوم الطاقة وهي تسخير شيء لفعل
شيء آخر ، لأن الطاقة ببساطة شديدة تنقسم إلى عدة أشكال في الطبيعة يصعب دمجها ضمن
وصف واحد ، وأما عن الإشعاع فهو نوع من أنواع الطاقة التي تنتقل من مصادرها عبر
موجات أو أشعة غير مرئية ، وهي نوعان إما أشعة مؤينة ذات ترددات عالية جدا أو غير
مؤينة ذات ترددات منخفضة ، والإشعاعات منها الطبيعي كالضوئ المرئي مثلا أو الصناعي
كأشعة ألفا و بيتا وغاما .
طبعا التصوير
الكيرلياني للهالة باء بالفشل وعجز العلم الحديث عن إثبات وجود هذه المزاعم لأنها
خضعت للتجارب واتضح عكس ما كان يروى ، والإشعاعات نفسها التي توصل لها العلم لا
تنبعث من أية مادة كانت ، فقط تلك الأنوية الغير مستقرة ، والتي تكون فيها طاقة
الربط النووية أقل بكثير من الطاقة الكهرومغناطيسية ، لاكن إن عدنا أدراجنا صوب
الأديان السماوية والمعتقدات فهل يا ترى سنجد وجود أدلة تثبت حقيقة الهالة أم لا ؟
طبعا للإجابة على هذا التساؤل سنعود أدراجنا إلى بدايات القرن العشرين ، حيث ظل
إنشتاين يبحث عن المستوى الأخير في عالم الكم إلى أن مات وترك خلفه لغزا محيرا ،
هذا المستوى الذي سسيتيح للفيزياء الحديثة الإجابة على كافة الأسئلة المعقدة حول الأجسام
الدقيقة ، لاكنه في نهاية المطاف فشل ، لأن إمكانية الوصول إلى هذا المستوى غير
متاحة إلى وقتنا هذا ، ففيما مضى اعتقد العلماء أن البروتون عبارة عن جسيم أولي ،
أي بمعنى أن هذا الجسيم بحسب نظرية النموذج العياري هي أساس المادة ، أو هي بنية
الكون الأولية أو هي المكون الأساسي للمادة ، وهي أقرب فهما لما كان يسعى ورائه
ألبيرت إنشتاين ، لاكن تبين فيما بعد أن هذا الجسم نفسه يتكون من ثلاث كواركات
تصغره حجما ، ولربما سيأتي يوم ما سيتم الإفصاح على أن الكواركات نفسها تتألف من
جسيمات تصغرها حجما ، وهذا قانون كوني مثبت في القرآن الكريم ، لأن الحجم مطلق
وغير مقيد بقوانين فيزيائية ، أي بمعنى أنه لا يوجد مستوى أخير إطلاقا ، والحجم لا
بداية له ولا نهاية ، هنا نقف عند علامة استفهام هامة جدا ألا وهي الطاقة ،
فالطاقة نفسها مطلقة وغير مقيدة ، ولطالما هنا قوى قابلة للضبط فهناك قوى أخرى غير
مدركة وغير قابلة للضبط ، وكمثال على ذلك سنستحظر روح الإنسان ، فالروح هي طاقة
الجسد ، وفناء الجسد يعني خروج الروح ، إذن فهل هذه الروح قابلة للضبط ؟ إطلاقا ،
لقوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء الآية 85 بسم الله الرحمان الرحيم ويسألونك
عن الروح ، قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ، صدق الله العظيم ،
إذن فالطاقة نفسها منها المدرك كالإشعاعات ومنها الغير قابل للضبط ، والمدرك نفسه
له صور وتجليات أدق وأدق مما قد نتصور ، وكون أن العلم لم يتوصل إلى إمكانية رصد
الهالة فهذا لا يعني تفنيدها ونكرانها ، بل وجب جوب كل العلوم لبولغ الحقيقة ، وكون
أن المادة لها تجليات وصور أخرى ما تحت كمية كعلاقة النار بالحرارة مثلا أو علاقة
الثلج بالبرودة أو علاقة النور بالضوء ، فإن تأثير هذه المواد تنجلي تحته تأثيرات
أخرى غير قابلة للضبط ، يعني تسلسل كمي مطلق إلى ناقص ما لا نهاية ، مثل ما هو
الشأن بالنسبة لكل ما هو ظاهر ، وكل شيء حي أو ميت في نظرنا له تأثير خارجي على
محيطه ، كيف ذالك ؟ دعونا نستدل ببعض الآيات القرآنية الكريمة ، والتي تصب في عمق
هذا الموضوع ، يقول سبحانه وتعالى في سورة القصص الآية 88 : ولا تدْعُ مع الله
إلاها آخر لا إلاه إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ، وكل شيء
جامعة لكل أشكال الحياة ، سواء بشر ، حيوان ، نبات ، صخور ، جبال ، ذرات إلخ ، وكل
هذه الحيوان لم تخلق من باب العبث ، بل لحكمة لا يعلمها إلا الله ، وما دامت خلقت
لحكمة فلها تأثير وجودي مادي ولا مادي ، كما يقول سبحانه وتعالى في سورة الإسراء
الآية 44 : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولاكن لا تفقهون تسبيحهم ، والآية الكريمة تشير
مرة أخرى إلى كل أشكال الحياة سواء المدرك أو الغير قابل للضبط ، أي بمعنى أن كل
شيء حي وكل شيء له تأثير كما سبق وأن أشرنا ، وهذا التأثير الغير قابل للضبط قد
يكون جزئ من الهالة أو الهالة نفسها .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها