تناسخ الأرواح
مقدمة : مرحبا | اليوم سنغوص بكم لأعماق سحيقة ، وسنحاول فك ألغاز يشوبها الغموض من كل حدب وصوب ، أعماق تتخطى البعد المادي للجسد ، لتتخطى بذالك ميطافيزيقا العقل البيولوجي ، كما سنكشف لكم عن أسرار لربما ستسمعون عنها لأول مرة ، أسرار غامظة تنطوي على الذات البشرية ، وعلى كينونة البعد الآخر للإنسان ، كما سنكشف لكم عن تضاربات في فهم الديانات لهذه الظاهرة ، بين ما هم مؤيدين ومن هم معارضين ، كما سنتكلم عن كيفية فهم هذا المعتقد ، والإختلاف في وجهة نظر البشر حول هذا الإنتقال ، هذا الجب العميق الذي يسمى بظاهرة تناسخ الأرواح ، أو انتقال الأرواح من جسد لآخر .
تناسخ الأرواح :
هذا المصطلح الذي يعزى به انتقال الروح من جسد
المتوفى إلى جسد إنسان آخر ، وقد يصادف هذا الحدث ولادة جديدة ، أو قد يصادف وفاة مؤقتة
مثل قصص العائدون من الموت ، وليس بغريب علينا قصة إيدي لويس دوروتيه والملقبة
بعشيقة الفرعون أو بنت ريشيت ، هذه القصة التي أثارت ضجة حول العالم ، ولا زالت
محط القيل والقال إلى غاية وقتنا هذا ، كونها اعتبرت حالة استثنائية وغير مشهود
بها من قبل ، وخصوصا بعد الإكتشافات التي حققتها دوروتيه في مصر خلال فترة حياتها ،
أو قصة شانتي ديفي الهندية سنة 1926 , القصة التي وصل صداها مشارق الهند
ومغاربها ، وحضيت باهتمام صحفي كبير جدا ، إلى أن وصلت إلى مسامع غاندي ، كما
تتعدد القصص بهذا الشأن وتختلف من حيث المضمون ، ما جعل المعتقد هذا كظاهرة مثيرة
للجدل ويجب إعادة النظر فيها ، إذ أن هذا التناسخ ارتقى إلى أسمى صفات الوصف ، ولم
يعد المعتقد يطبق نفسه فقط على البشر كنفوس ، وإنما اعتقدت بعض الديانات الأخرى بأنه
عبارة عن حقيقة تشمل كافة الخلائق ، بما فيها النبات والحيوانات وحتى الحشرات .
■المعتقدات الدينية :
وبالموازات
مع الأديان والطوائف فهناك اختلافات في المعتقد ، واختلافات في وجهة النظر ، ناهيك
عن الإجتهادات بين التيارات وطريقة البرهنة طبقا لنصوص الديانات .
_الإسلام
فبالنسبة
لنظرة الإسلام حول ظاهرة تناسخ الأرواح ، فهي عبارة عن خرافة ولا صلة للواقع بها ،
كون أن الحياة مقسمة منذ نبوئة محمد (ص) إلى ثلاثة مراحل : أولاها الحياة
الدنيا يليها مباشرة حياة البرزخ بعد الموت ثم الحياة الآخرة .
_الهندوسية
وأما
عن بعض الديانات الأخرى كالهندوسية ، فهناك شقان أساسيان نظرا لتعدد الآلهات وتعدد
المعتقدات والأساطير ، فمنهم طوائف يؤمنون بتناسخ الأرواح ، بينما طوائف أخرى لها معتقد
بالحياة الآخرة ، أو حياة ما بعد الموت ، إذ أن هذا التيار المعتقدي ظهر حديثا في
الديانة الهندوسية والجاينية والبوذية ولربما في ديانات أخرى ، إذ يرجع
تايخ ظهوره إلى ما بين 500 و 1000 سنة قبل الميلاد .
وبالنسبة
للديانة البوذية فهم متشبتون بهذا المعتقد إلى أقصى الحدود ، ولهم إيمان قطعي بحقيقة
تناسخ الأرواح ، لأن منهم متزمتون بالطقوس البوذية ، ويمارسونها بشكل يستند إلى
قواعد صارمة ، تمكنهم في ظرف زمني محدد من اختراق حاجز الزمان والمكان ، كما أن
لهم القدرة على فصل الوعي عن الجسد ، والقيام بأمور أخرى كالإسقاط النجمي وخلافه ،
وكل هذه القدرات جعلتهم لا يؤمنون بكينونة الروح الماورائية ككيان مستقل ، لذالك تجدهم
يستعملون عبارة الولادة الجديدة .
_الديانات
الإبراهيمية
وفيما
يخص بالتيارات الإبراهيمية فهي ترفض رفضا قطعيا ظاهرة تناسخ الأرواح ، ولو أن هناك
تيارات أخرى منفصلة تدعم هذا المعتقد كفرقة الأطهار المسيحية أو ما يصطلح عليها
بفرقة كاثار ، أو كطائفة الموحدون الدروز وغيرها ، لاكن أغلب التيارات الإبراهيمية
تعتبر من التناسخ ضربا من الخيال العلمي ، فقط تؤمن بالروح البشرية المنفصلة ، التي
تتمثل في روح لكل جسد كما جاء في قوله سبحانه وتعالى 《 وكلهم آتيه يوم القيامة
فردا 》.
_طوائف
أخرى
ولو
أن فكرة التناسخ لم تكن مستحبة في بعض الديانات ، إلا أنها شاعت في أوساط ومجتمعات
قديمة وحديثة ، وصارت روتين حياتي ممنهج ويقين لا يقبل النقد ، إذ يقع الإختلاف في
تفسير التناسخ ونظرة الديانة له ، فمنهم من يعتقد أن التناسخ له صلة بالكارما ،
ومنهم من يعتقد أن له علاقة بالوعي ، وغالبا ما يعتبر فرصة لتحسين وتطوير
الذات البشرية ، وانتقالها من مستوى إلى آخر ، حيث تعتبر أغلب الطوائف الداعمة
لفكر التناسخ وثنية المذهب كالبوذية واليونانية والطاوية والهندوسية والدرزية
والسيخية والجاينية ، بالإضافة إلى حظارات المايا الأمريكية والإنكا .
وبالرجوع
إلى تاريخ ظهور هذا الفكر حول العالم ، فيعتقد العلماء بأن التناسخ ليس بفكرة وليدة
اليوم ، وإنما ظهورها متأصل من جذور سحيقة في القدم ، وليس بعيدا أن يكون التناسخ متزامن
زمنيا مع ظهور الجنس البشري على وجه الأرض ، وظهور الديانات استنادا لبعض المعتقدات
المشتركة ، كانفصال النفس البشرية عن الجسد مؤقتا خلال فترة النوم ، وهذه حقيقة لا
يجوز تجاوزها ما دامت مذكورة في نصوص القرآن الكريم ، مصداقا لقوله تعالى 《الله
يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل
الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذالك لآيات لقوم يتفكرون》 صدق الله العظيم ، وهذه
الآية الكريمة خير دليل على انفصال النفس البشرية عن الجسد خلال فترات النوم ،
والتي ترتقي إلى بارئها بشكل مؤقت ، كما أن أغلب التفاسير السنية في الإعجاز
القرآني الكريم ، وفي سيرة نبينا محمد (ص) ، وبشهادة أغلب المفسرين والعلماء ، تنص
على أن الموت ليس العدم بالمفهوم الوجودي ، وإنما هو انفصال مؤقت عن الجسد إلى حين
قيام الساعة .
■أدلة مرجعية عن ثبوت ظاهرة التناسخ
وبالحديث
عن بعض الأدلة المرجعية التي تثبت حقيقة ظاهرة تناسخ الأرواح ، لا بأس أن نشير إلى
أهمها وثوقا ومصداقية وتداولا حول العالم .
أولا_
الأحلام المتكررة : وهي عبارة عن انعكاس الرؤى والمشاهد القديمة
إلى العقل اللاواعي ، والذي يعتبر الخزان الرئيسي لنزوات العقل الواعي في فترة
زمنية معينة ، والعقل اللاواعي يستطيع استرجاع أرشيف الذكريات والأحلام والرغبات
في فترات متفرقة ، انطلاقا من حاجات العقل الواعي لهذه الأحداث ، أو لغرض معين ،
إذ من الممكن أن يستحظر هذا الأخير مشاكل حدثت في الحياة السابقة ، والتي بقيت
سجينة العقل الباطن ليحاول معالجتها خلال فترات النوم .
ثانيا_
الديجافو : وهي عبارة عن ظاهرة معتادة ومشاعة تحققت مع
الكبير والصغير منكم ، إذ أحيانا قد نرى مشاهد في الحياة المادية أو نسمع أصواتا
أو نشم روائح ، وتكون هذه الأحداث الحاظرة قد رأيناها سابقا ، ولاكن لا نتذكر متى
وأين بالضبط تحقف هذه الأحداث ، ثم نتسائل كيف حدث هذا ؟ فمنهم من ينسب هذه
الظاهرة للرؤيا المنامية ، ومنهم من يقول أنها عبارة عن تنافر عصبي ، والبعض الآخر
يرجح الأمر إلى وجود العوالم المتوازية .
ثالثا
_ الإلمام بالحظارات الماضية : فمن منا لا يتوق إلى الرجوع
بالزمن للوراء ، فأغلبنا له حنين وشوق إلى حقبة زمنية قديمة ومحددة ، وأي شخص تجد
له مشاعر جياشة تجذبه بقوة للتشبه بثقافة قديمة أو بحظارة منسية ، فيقول يا ليت
التاريخ يرجع بنا لهذه الحظارة ، إذ يحتمل أن تكون تلك الحقبة فترة مرت من حياته الماضية
.
رابعا
_ الإدراك المسبق أو الرؤيا المستقبلية : وهي
عبارة ظاهرة من ظواهر الخوارق البشرية ، أو ظاهرة تتجسد في أشخاص لهم القدرة على
اختراق حاجز المستقبل ، إذ تجد أناس قادرين على كشف معلومات وأحداث عن المستقبل
مثل التنبؤات ، حيث تمثلت هذه الظاهرة في العرافة البلغارية بابا فانغا ، والتي
استطاعت كشف أسرار مستقبلية تحققت وصرنا نشهد البعض منها .
خامسا
_ الحدس : أو القدرة على خلق توافق وانسجام بين العقل
الظاهر والعقل الباطن ، وتجد هذا النمط البشري يتمتع بحاسة سادسة قوية جدا ،
ومبنية على جذر الحكمة البدائية ، حيث تكون توقعاتهم حول الأحداث حقيقة قبل وقوعها
.
سادسا
_ذكريات خارج المكان : وهي ذكريات غالبا ما تولد حديثة مع الأطفال
الصغار ، إذ تجدهم يتحدثون عن شخصياتهم في الماضي وهم أطفال لا يزالون في سن مبكرة
، كما تجدهم متشبعون بثقافة تتوافق مع حقبهم الحقيقية في الماضي ، وكل هذه الأمور
مشهود بها من قصص حقيقية وواقعية ، كقصة الإسكتلندي كاميرون .
■الإستشهادات العلمية المعروفة
ظاهرة
تناسخ الأرواح لم تقف عند حدود المعتقدات والأساطير ، بل حظيت ببعض الجوانب
الإستشهادية في الشق العلمي والنفسي ، إذ يعتبر الدكتور المخضرم وأستاذ الطب
النفسي إيان ستيفنسون ، من أهم العناصر الذين كرسوا حياتهم في دراسة أبعاد
وزوايا التناسخ ، وكان يشغل منصب رئيس قسم الطب النفسي وعلوم فرع الأعصاب في كلية
الطب بجامعة فيرجينيا ، حيث أسهم في عدة تجارب مشتركة بينه وبين المجتمع العلمي لإثبات
حقيقة التناسخ ، كما شارك في دراسة أقيمت على عدد كبير من الأطفال ، قدر عددهم
بحوالي 210 طفل ، هذه التجربة التي استعملت فيها تقنية جديدة تسمى بتقنية التعرف
على الملامح ، وهل يستطيع أولائك الأطفال التعرف على الشخصيات التي يتقمصون
أدوارها في الحياة الجديدة أم لا ، فكان قرابة ال 100/35 من أولائك الأطفال ، يدعون
أن لديهم تشوهات أو عيوب خلقية ، كانت عبارة عن تشوهات لها صلة بالشخصية التي
يتقمصونها ، حيث قال الدكتور إيان ستيفينسون أن هناك نمط من الأطفال يولدون
ببعض العلامات على أجسادهم كالوحم ، والتي كانت فيما مضى تجسد جروح قديمة في جسد
الشخص المتوفى .
وفي
تجربة منفصلة قام بها الدكتور ستيفنسون على ثلاثة أطفال ، أو ثلاثة من
الذين يزعمون أنهم يتذكرون جوانب من حياتهم السابقة ، فأجرى معهم استنطاق ودي حول
ماضيهم المزعوم ، فخرج منهم ببعض الكلمات والجمل التي تفوق سنهم وقدرتهم على
استيعابها ، وبعد التحقق من سجل الشخصيات المتقمصة ، اكتشف أن ما يقدر ب 100/92 من
تلك المعلومات كانت صحيحة بالفعل .
لاكن
بعد وفاته سنة 2007 وحتى خلال فترات أبحاثه ، كان هناك علماء ولا يزالون يعتبرون
هذه الظاهرة مجرد وهم وخرافة .
فهل
يا ترى ظاهرة تناسخ الأرواح حقيقة ؟ من يدري _ عموما سنترك لكم حرية الرأي في
التعليقات
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها