القائمة الرئيسية

الصفحات


الأشجار الدالة على الكنوز

بسم الله الرحمان الرحيم

الأشجار الدالة على الكنوز
الأشجار الدالة على الكنوز

إن الأشجار المعمرة بكافة ألوانها وأصنافها وكذى الأشكال الهندسية التي تتخدها في أي مجال مفتوج تعتبر كباقي الإشارات المنحوتة على الصخور أو التي تشكل مجسمات لكائنات حية بحسب زاوية الرؤيا  والتي لها دلالات وتعابير عن وجود معالم أثرية أو قبور أو كنوز أو آبار أو غيرها من الأمور الأخرى ، بمعنى أن الأشجار استخدمت في ما مضى كإشارات لا تقل أهمية عن التي تنحت في الصخور ، فدهاء القدماء أمكنهم من تطوير طرق الدفن وتخطى ذكاؤهم ذكاء الإنسان المعاصر ، بالرغم من وجود كتب تشرح معاني الإشارات وتعابيرها المادية المتصلة بكل حقبة زمنية وكل حضارة غابرة ، إلا أن الإنسان القديم كان لا يحترم شروط وقواعد الحظارة والديانة والمعتقدات السائدة أنذاك لكي لا يكون كنزه عرضة للنهب والسطو ، بدافع أنها ستكون واضحة وغير مبهمة ، لذالك لجأ لحيل من نسج خياله وقننها بقياسات لا تحترم أي معيار من المعايير كي يبقى كنزه لغز محير وأحجية معقدة ، فمنهم من زمم الكنز بوصية كي يبقى إرث للعائلة ، ومنهم من ترك كنزه مبهم لأنه يعتقد أنه سيعود له في وقت لاحق ، لاكن الإشارة كيفما كانت تنقسم لتثبيتية وتضليلية وتوجيهية وأيضا التي تعتمد على القياس ، عموما سنتقدم بشرح مفصل لهذه الأقسام الأربعة لاكن فيما يتعلق بإشارة الأشجار المعمرة .

_الأشجار المعمرة

أول شيء قبل البدئ في تفصيل النصوص أحببت أن أذكر بأن الأشجار المعمرة هي الأشجار التي تعيش لفترة زمنية طويلة وتمتد دورة حياتها لعقود طويلة ، لذالك لجأ الإنسان لهذه الأصناف واستخدمها كإشارات لتبقى ظاهرة على مر التاريخ ولا تندثر مع الزمن ، إلى حين عودته إليها مرة أخرى ، وهذه الأصناف كثيرة ومتعددة أهمها شجرة الزيتون والسكر والأوكاليبتوس والعرعار وغيرها .

_الأشجار التثبيتية

الأشجار التثبيتية وهي التي لها دلالة على كون الكنز يوجد تحتها مباشرة أو في زاوية معينة من زواياها المحيطة ، وتكون هذه الأشجار غالبا فرادية ومختلفة عن كافة الأشجار المتواجدة في المنطقة ، أو أن تتواجد في منطقة نائية لا وجود للأشجار بها ، أو أن تكون شجرة مماثلة تماما لنفس الأشجار المحيطة إلا أنها تمتاز باختلاف ملحوظ إما في حجمها أو في زاوية ميلانها أو نذرتها أو أن تتمركز في مرتفع هضبة ولا تجاورها أي شجرة أخرى ، على كل حال فالتثبيت دائما ما يكون ملفت للنظر ومتميز ويمتاز بانفراده الغير مسبوق والغير ملائم لشروط الطبيعة المحيطة ، لاكن من أساليب الدفن ومكر القدماء ، فقد كانو أحيانا يلتجؤون لشجرة معمرة بنفس المواصفات المذكورة لاكن عملية الدفن كانت تتم في أوقات معينة وتعتمد على انحراف الظل للشجرة المعمرة تزامنا مع الوقت ، بحيت يكون ظل النصف العلوي للشجرة هو مكان الدفين ، وأغلب الأشجار المعمرة التثبيتية نجد على رأسها شجر الزيتون البري وشجرة السدر وشجرة التين أو النخيل ، ولنقربكم أكثر من مفهوم التثبيت ميدانيا وهو عندما نتوجه صوب أي مكان كان إما نائي أو به أشجار ، نجد شجرة منفردة لا تشبه أي شجرة في تلك المساحة ، فمثلا لدينا ضيعة بها أشجار زيتون سقوي كبيرة الحجم ، لاكن توجد شجرة زيتون برية صغيرة منفردة في مساحة صغيرة بجانب بئر ماء أو مجرة مائي ، فأول شيء ستلاحظه  هو نوع الشجرة وحجمها مقارنة بألأشجار الأخرى ، بحيث يكون هذا الإختلاف الملفت للنظر منفردا لوحده على طول تلك الضيعة ، بمعنى لا وجود لشيء آخر يثير الشكوك ، هنا نعلم بأن تلك الشجرة يحتمل أن تكون حاضنة لكنز وتكون تثبيتية ، وخصوصا إن كان عمر تلك الضيعة قديم جدا .

_ الأشجار التوجيهية

الأشجار التوجيهية وهي عكس التثبيتية ، لاكن تحمل نفس القاعدة ونفس الشرط الأساسي الذي  هو الأشجار المعمرة والمختلفة عن طبيعة المنطقة ، لاكن الإختلاف المنافي للأشجار التثبيتية وهو في تعددها ، كيف ذالك ، تخيل معي أننا ذهبنا لضيعة بها أشجار زيتون ، ثم قمنا بعدها فوجدنا 200 شجرة سقوية و 5 شجرات برية تتخذ شكل هندسي مستقيمي منتظم وفواصل بقياس منتظم أيضا ، بحيث أن 4 شجرات بريات لهم نفس الطول والحجم والخامسة كبيرة نوعا ما لاكن مائلة باتجاه جرف صخري وكأنها ترسم لنا سهم يشير لذالك الجرف الصخري ، هنا يبطل التثبيت ويصبح توجيه ظاهر للعين المجردة ، بمعنى أننا نركز في هذه الحالة على الشكل الهندسي وكأننا نتعامل مع سيال ، ولتقريبكم من مفهوم التوجيه سنطرح لكم مثال آخر سيساعدكم على تعزيز وترسيخ الفكرة ، فلنفترض وجدنا جملة من الأشجار تتخذ شكل هندسي دائري ومتقاربة فيما بينها بمسافة قريبة جدا ، بحيث أن هذه المسافة لا تحترم شروط التشجير ، ويوجد بداخل هذه الدائرة شجرة تتمركز في منتصف الدائرة ، هنا نفهم بأن تلك الدائرة تمثل حصن يحيط ويحمي شيء بداخله ، وهذا الشيء يتجلى في شجرة توجد في المنتصف ، بمعنى أنها توجهك لمكان التثبيت .

_ الأشجار التضليلية

هذه الأشجار تكون أيضا معمرة ومختلفة عن طبيعة المنطقة ، لاكن لا تمثل في حد ذاتها لا تثبيت ولا توجيه ، وغالبا ما تكون مجرد علامة تحمل في طياتها لغز من حيل القدماء ، إما أن تكون بها إشارة منحوتة كلغز يشير لمكان الدفين أو أن تكون مرفوقة بوصية تحمل خطاطة طوبوغرافية للمنطقة وتكون تلك الشجرة المعمرة هي نقطة الإنطلاق نحو الهدف ، لاكن الهدف في أغلب الحالات يكون في مرمى العين ويكون ملفت للنظر وسهل التعرف عليه ، بدافع أنه مخالف لقوانين الطبيعة ، ما يتطلب ذكاء بالغ وبحث متواصل في نفس المحيط الجغرافي إلى حين بلوغ الهدف المنشود .
وهذا التضليل إما أن يكون متعلق بشجرة أخرى أو باتجاه لوح صخري يبعد بضعة من الأمتار ويكون مرفوق بإشارة تثبيتية أو بئر قريب وقديم جدا أو جرف صخري ، يعني أن شجرة التضليل لا تقتصر فقط على قاعدة محددة تتبع قانون وشروط منتظمة في الدفن ، أي أن أي احتمال ممكن أن يكون وارد ، ويكون تثبيت للهدف ، يستوفي فقط وجود الشجرة المعمرة بالمواصفات المذكورة ، وهذا الصنف يعد من أصعب الإشارات الموجودة ، لأنها تعتمد كلها على الإحتمالات،  وكل احتمال قد يعني هدف وقد يعني فشل في حد ذاته .

_أشجار معمرة تعتمد على القياس

الأشجار التي تعتمد على القياس لا تختلف كثيرا عن سابقاتها كثيرا ، وهي إما أن تأتي على شكل مجموعات أو بشكل منفرد ، فإن كانت بشكل منفرد فإن حلها يكون شبه معقد ، بحيث يكون هذا القياس متعلق بصاحب الكنز والإتجاه الذي اختاره ، وهذا القياس إما أن يكون عشوائي أو منتظم يحترم فيه طول ظل الشجرة في وقت معين كأداة قياس وكتوجيه في نفس الوقت ، أو أن يستخدم طول ساق الشجرة أو طول الشجرة من قاعدتها نحو آخر نقطة في امتداد ارتفاعها ، وغالبا ما تكون وحدة القياس في هذا الصنف عشوائية لا تحترم أي معيار ، وتكون مرفوقة هذه الشجرة المعمرة بوثيقة مزممة من صاحبها والوثيقة تشير لعنصر آخر أو وجهة أخرى كإشارة ثانية كضريح مثلا ويكون باب الضريح مقبلا بحيث إذا فتحناه من الداخل أول ما يلفت نظرك هو الشجرة المعمرة ، ويكون القياس المزمن في الوصية من باب الضريح للشجرة هو نفسه ثابت ، هذا في ما يتعلق بالشجرة المنفردة ، أما إذا كانت مجموعة من الأشجار وتتخذ شكلا هندسيا فهنا نحسب المسافة بين كل شجرة كما سنجد هناك انتظام في كل فصل فاصل بين كافة الأشجار ، وهنا نأخذ هذا الفاصل القياسي كأداة قياس باتجاه تحدب الشكل الهندسي ونضربه بعدد من المرات ليوصلنا لنقطة التثبيت والتي تكون مثير للإنتباه والشك ، أو أن تكون هذه الأشجار تتخذ منحى مستقيمي ويكون الفاصل بين الأشجار مثلا 8 أمتار ، لاكن عند اتباع هذا المنحى المستقيمي نجد فاصل ينقص في الأحجار أي أن هذا الإنتظام يختفي بين شجراتان ونجد المسافة مظاعفة ، ما يدل على أن شجرة تنقص وهي التي تكون مكان التثبيت ، والأمثلة كثيرة ومتعددة ولا حصر لها .
على كل حال فإن مجال الإشارة يعتمد على الإحتمالات الجد منطقية والتي من المحتمل أن توصلنا لمكان الكنز ، لاكن تستوفي ذكاء بالغ وغالبا ما تبوء هذه الإحتمالات بالفشل ، لذالك فليعلم الجميع بأن هذا المجال مجرد رزق يوتيه الله لمن يشاء ، لذالك أعزائي القراء دائما تمهلوا في اتخاذ أي قرار قبل اللجوء للحفر وشكرا على حسن متابعتكم.





author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات