القائمة الرئيسية

الصفحات

 

إشارة النجمة السداسية أو نجمة داوود

بسم الله الرحمان الرحيم

إشارة النجمة السداسية
إشارة النجمة السداسية أو نجمة داوود


 إنه لمن البديهي أن نقول بأن لكل إشارة رمزيات مختلفة تتوافق مع كل حظارة وكل معتقد ، والمعنى الحقيقي للإشارة بطبيعة الحال إن توافق مع المعتقد ومع الحظارة فغالبا ما يكون التحليل صائب بنسبة كبيرة جدا ، وما سنناقشه في هذا الطرح يتمحور حول رمزية النجمة السداسية وفقا لبعض الأديان والعقائد القديمة ، طبعا من المؤكد أن كل إشارة لها أسس تاريخية توارثها أديان ومعتقدات عبر عصور عديدة بغض النظر عن فلسفة التحليل ، والدراسة الميدانية للإشارة من المفروض أن يتوافق تحليلها مع المعتقد السائد أنذاك ، لذالك وبناء على الرمزية المتعددة الأبعاد سنحاول دمج المعتقد و الرمزية مع الديانة التابعة لبعض الحظارات ، إذن فالنجمة السداسية أو ماغين ديفيد أو ذرع داوود أو خاتم سليمان كلها تسميات جسدت نفس الإشارة تزامنا مع كم هائل من المعتقدات والأديان التي نهجت هذا الختم لأسباب مختلفة ، سنذكرها بشكل موجز إنشاء الله ، ومن المتداول كذالك بين الشعوب المعاصرة فيما يخص أصل هذا الرمز أنه يحاكي هوية الشعب اليهودي منذ القرن 17 بعض النظر عن العلم الصهيوني ، كما نستحضر رمزيتة كذالك في بعض الإستخدامات الروحية المعاصرة والمتعلقة بالسحر والشعودة ومنظمة البناؤون الأحرار ، إلا أن الحقيقة التاريخية تنافي وتغالط كل هذه التداولات المصاحبة لليهود وتؤيد استخداماته في مجال السحر والشعودة لثبوت ذالك ، عن طريق استخراج بعضا من كنوز اليهود الضائعة في البلدان العربية ، وثبوت نصوص بها نجمة سداسية مخصصة للسحر في بعض المخطوطات العبرية ، ورمز النجمة السداسية هذا في النصوص التاريخية واكبت حظارات كثيرة أقدم من نبوءة سليمان عليه السلام والممتدة إلى حين وفاته سنة 931 قبل الميلاد ، وكذالك قبل نبوءة داوود عليه السلام وهو ثاني ملك على مملكة إسرائيل بين سنة 971 و 1011 قبل الميلاد ، إذ استخدمه قدماء المصريين ضمن بعض الرموز الهيروغليفية التي تشير إلى أرض الأرواح ، كما كانت ترمز للإله أمسو الذي يعتبر أول إنسان تحول إلى إله وصار إسمه حورس ، كما تم وضع ختم النجمة السداسية في نفس الفترة على شؤون الدولة الداخلية والدينية ، واستعمل كشعار في تخليد الجنائز المتعلقة برجال الدين ، إذ تم اكتشافه ضمن بعض الرغائف في قبر كاهن بالمعبد الكبير وتم كذالك تزيين سقف مقبرة سنفرة التي تعود للأسرة الرابعة بنجمة داوود ، لذالك فإن المعتقد المصري أو رمزية الإشارة في الفترة الفرعونية بحسب كل هذه المعطيات تجسدت في الجانب السياسي والديني والعقائدي ، وصاحبت كل من الكهنة والملوك والآلهة  ، ما يعطينا دليل نظري على كونها استخدمت كرموز جنائزية تجسد البعد الآخر من الحياة ، وأما علاقتها بالقياس ومكان الدفن فعلى الأرجح استعملت كتثبيت للمقابر ولا علاقة لها بالقياس أو الإتجاه ويبقى العلم لله .

وأما في الحظارة الهندوسية فقد استعمل رمز النجمة السداسية كتعبير منهم عن ميتافيزيقا الكون المعقدة واتحاد القوى المضادة مثل الذكر والأنثى أو الماء والنار أو الخير والشر ، لأن شعار النجمة السداسية شكليا يمثل مثلثان متعاكسان ولهما نفس أبعاد القياس ، لكن متحدان في نفس الوقت ، وهذه الرمزية لها أبعاد علمية أكبر من كونها معتقد خيالي أو أسطوري ، لأن التناسق في القوى المضادة لا يتحقق إلا عن شروط من المؤكد أن تكون علمية محظة أو خاضعة لقوانين الطبيعة ، كما مثل لديهم رمز النجمة السداسية التجانس الكوني المطلق في مدارات الكواكب والنجوم والذي تمت تسميتها بماندالا ، وعلى ذكر اتحاد القوى المضادة فإن الجانب الروحي كذالك أخذ بعد يجسد الحياة ما بعد الموت وذالك عن طريق تطهير الروح والجسد بالماء والنار لأن النار هي المطهر الثاني للروح بعد الماء لذالك لجؤو لحرق جثث موتاهم  باعتبار أن الروح تتكون من التراب والماء والنار والهواء والسماء ، وهذه القوى كلها مضادة لبعضها البعض ، لذالك كي تعود الروح لحالتها الطبيعية يجب التخلص من الجسد بالحرق ، وما نستنتجه من ثقافة الهندوس أن رمزية النجمة دينية عقائدية وعلمية محظة لا علاقة لها بالكنوز ، وهي تحاكي تقريبا المعتقد الإسلامي والذي سنختم به هذه الحصة إنشاء الله ، لاكن احتمال أن ترافق هذه الإشارة كنوز الثقافة الهندوسية مع وضع حيز أو هامش للمعتقد والأبعاد الجغرافية ، لأن ليس كل متوفى تؤدى له طقوس الحرق ويلقى رماده في النهر وإنما يتم دفن الأطفال الصغار ما دون السنتان والرهبان أو رجال الدين باعتبارهم أشخاص طاهرين لا يحتاجون لتطهير أرواحهم  ، بحيث توضع أقدامهم في اتجاه الجنوب أو باتجاه إله الموت بحسب معتقداتهم ورأسهم نحو الشمال باتجاه إله الثروة .

وأما في الجانب المسيحي فقد صاحب رمز النجمة السداسية بعض الطوائف من المسيحيين الذين يسمون بطائفة المورمون والذين يعتبرون أنفسهم إبان هذا الرمز كامتداد لقبائل بني إسرائيل الإ ثنا عشر وكمتداد لهم ، ولترسيخ هذا المعتقد في نفوس الأجيال الصاعدة فقد وضفوه في أعمال التزيين التابعة للمعابد والكنائس الخاصة بهم ، وأما بالنسبة لاتجاهات الدفن فهم يعتمدون الشمال والشمال الغربي وأما الرومان الوثنيين فقد اعتمدوا الشرق والغرب كتجاهات عقائدية للدفن ، لأنهم اتخذوا الشمس كإلاه لهم وكإشارة رئيسية مقدسة تم توصيلها في الكنوز ، وأما اليهود فقد وضفو هذا الرمز كمعتقدات لها علاقة بالأرواح الشريرة وكانت تمثل رمز لأقدام نوع من العفاريت لذالك فقد تم استعمالها في جلسات لاستحظار الجن ، وكانت علاقتها بالسحر والسحرة جد وطيدة ، لذالك فإن هذا الرمز إن رافق فترة اليهود فقد يكون الكنز خطر للغاية ويكون اتجاه الدفن لديهم قبالة بيت المقدس .

_وأما في حقبة الإسلام وبالرغم من ظهور النجمة السداسية في حظارات ما قبل الإسلام كالفرعونية والهندوسية والزرداشية ، إلا أن الإسلام وضف هذا الرمز في الجانب الروحي والديني والعقائدي ، بحيث جسدت نجمة داوود الفن الزخرفي في مجموعة من العمائر الإسلامية كقلعة الجندي في سيناء والتي شيدها صلاح الدين الأيوبي ، كما تم العثور على طبق فضي بختم النجمة السداسية يعود للعصر الفاطمي ، وهو رمز يؤكد العلاقة بين السماء والأرض طبقا للرقم 6  ، وأما وزوايا النجمة ترمز لست أيام التي خلق فيها الله سبحانه وتعالى السماوات والأرض ، كما تم العثور على بعض الأطباق الأثرية من الخزف في منطقة رأس راية جنوب طور سيناء لخصت ختم الصانع التقليدي أنذاك ، وتوجد كذالك مساجد في ماليزيا والروهينجا بالصين والمغرب تزينها زخاريف نجومة داوود ، وأما عند اليهود فلم تعتمد كشعار إلا في القرن 19 مدعوما من طرف الحكومة الفرنسية بشكل رسمي سنة 1942 ، لاكن مقارنة بالإسلام وثقافة المسلمين فنحن السباقون لرمز النجمة السداسية منذ قرون عديدة وتم عتمادها كشعار في مجال الملاحة للأساطيل البحرية التابعة للخلافة العثمانية وكذالك في العهد الفاطمي وفي الفترة الأموية .

وأما عن تاريخ هذه النجمة ومتى ظهرت لأول مرة فهي غير معروفة للآن لأنها قديمة جدا ، وتحليلها في مجال الكنوز كما ذكرنا ينطبق على الحقبة والمعتقد .

 

 

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات