اليقين في عالم الإستشعار
اليوم بحول الله سنسافر من خلال هذا
الموضوع لعالم الترددات الغير ملموس ، ونغوص قليلا بداخلنا لنكتشف جوهر الإنسان
الحقيقي وقدراته الفطرية ، وهل هو مصمم لكشف العالم ما فوق الحسي أم هو مصمم فقط
للتماشي مع العالم المادي ؟ وقبل البدئ في التفاصيل سنفتتح موضوعنا بسؤال فلسفي من
مختارات رينيه ديكارت، لاكن سنحاول توضيفه في توجه آخر يتناسب مع لب الموضوع ومع عالم
الإستشعار .
طبعا
كلنا نتداول بيننا عبارة أنا أفكر ، وهذه الجملة مقسمة لكلمتان غاية في التعقيد الأولى
هي أنا والثانية أفكر ، فما المقصود بأنا في حظور التفكير ؟ طبعا أفكر نقصد بها العقل
سواء أكان مصدره الدماغ أو القلب لا يهم ، ولاكن كلمة أنا ما المقصود بها ؟ هل أنت
بالمفهوم العضوي أم أنت بالمفهوم الإدراكي ، أم أنت هو العقل نفسه ، فإذا كنت أنت
هو العقل أو الدماغ فحياتك مسيرة وفقا لما يطرحه العقل ويراه مناسبا ، والإنسان
ككائن بيولوجي حيوي يتماشى وفقا لقرارات الدماغ ووفقا للسيالات العصبية التي تنظم
آلية الحركة والشعور في الجسم برمته ، وهذا الأمر إن صح فهو يناقض العقيدة
الإسلامية ويختلف تماما مع الكتاب والسنة ، لأن الإنسان خلق مخير وليس مسير ولا
يخضع لسيطرة العقل أو الدماغ ، بل أنا الحقيقي هو الذي يتحكم بالعقل وبتنظيم السيالات
العصبية ، والتفكير ما هو إلا رغبة من رغبات ذالك الإنسان الحقيقي والذي يمثلك أنت
، لاكن من أنت ؟ إذا ألغينا وضائف الدماغ ووضعناها جانبا ، فمن تكون بالمفهوم
الحقيقي ؟ كيف تقول أنا وأنت لا تقصد كينونتك بالمفهوم المادي والميكانيكي ، ومن
خلال كل هذه التساؤلات فنحن نقترب كثيرا من اكتشاف الإنسان الحقيقي والذي ينقسم
لبعدان مترابطان ومكملان لبعضهما البعض ، الإنسان المادي والإنسان الروحي ، مثل ما
هو الشأن بالنسبة للعقل الظاهر والعقل الباطن ، فالإنسان الروحي هو الكيان الحقيقي
للإنسان وهو الذي يتحكم في وضائف الإنسان العضوي المادي ، إذن فالمقصود بأنا هو
الجوهر الحقيقي للإنسان وهو الإنسان ، وأما أفكر فهو نفس الجوهر الروحي الذي يدفع
الدماغ للتفكير ويتحكم في تنظيم الغرائز الفطرية وكل الوظائف ، والأمر تقريبا أشبه
بالسيارة أو الطائرة ، إذ تعد آلات ميكانيكية قادرة على مزاولة الحركة والنشاط في
وجود الطاقة والجوهر الذي يتحكم في حركتها ، وأما في غياب السائق فهي مجرد خردة لا
تصلح لشيء ، وأما وجود الجوهر والذي يتحكم في زمام الأمور ، ويتحكم كذالك في خلق
التناغم والإنسجام بينه وبين الآلة ، فإن هذا الإنجسام ينشأ عنه توافق واعتدال بين
طلب الأمر وتحقيق الوضيفة المطلوبة ، لذالك إن لم يكن هناك انسجام بين الإنسان
المادي والإنسان العضوي فلن تتحقق الريافة ، وبذالك يكون طلب الأمر يتخطى قدرات الإنسان
المادي ويتم رفض ذالك الطلب بصفة كاملة ، وفي نهاية المطاف يصبح التواصل بين
الطرفين من سابع المستحيلات ، لذالك حاول أن تتعود على طلب الأمر في حدود القدرات
الفطرية للجسد وأن تحسن استغلاله ، لأنه قادر مثلا على التواصل مع المادة على نطاق
اهتزازي وغير قادر على كشف الغيب ، أضن أن الفكرة باتت واضحة ، واعلم كذالك بأن جوهر
الإنسان الحقيقي الذي هو أنت غير قادر على كشف أسرار الكون والتواصل مع العالم
الخارجي وخلق ذالك التناغم المادي والفيزيائي ، في حين أن هذا التواصل يدخل ضمن
إمكانيات الإنسان العضوي ، وتستطيع من
خلال ذالك الإنجسام برمجة العقل على إفراز سيالات عصبية تحمل تردد المادة المطلوبة
وخلق صلة الوصل بينك وبين رغباتك ، كما تستطيع إدراك العالم ما فوق الحسي على نطاق
مشفر ، فالدماغ قادر على مزاولة كل هذه الأنشطة وتزويد جوهر الإنسان الحقيقي بكل المعلومات
والرغبات الجامحة ، الأمر الحاصل هنا وهو التواصل المشفر بين الإنسان الروحي والذي
يتحكم في وضائف الإنسان المادي ، بحيث أنه إذا أراد فعل شيء يتواصل مع الدماغ على
نطاق اهتزازي لتتحقيق الإستجابة ، ليقوم العقل بترجمة الأمر المشفر ويحوله إلى سيالات
عصبية بترددات متغيرة النطاق والطول الموجي ، للحصول على رد فعل بجودة عالية الدقة
.
الآن
فهمنا العلاقة بين أنا وأفكر وبين الإنسان الروحي والإنسان المادي ، وكيف يتم إرسال
المعلومات واستقبالها ، ولمزاولة الطرق الكهروكيماوية في البحث عن الكنوز نحتاج لوسيلة
مهمة جدا ، ألا وهي الثقة بالنفس واليقين المطلق ، وكأنك تأمر عقلك لتحريك عضلة
اليد لحمل كأس من الماء ، لتتحقق الإستجابة بدقة متناهية وفي أقل من جزء من
الثانية ، الأمر سهل جدا وليس معقد ، لأن الثقة هي التي تخلق الإنسجام التام بين
العنصرين الروحي والمادي ، وبذالك يستطيع الباحث أن يكون على يقين تام بأن برمجيته
لعقله ستقوده للمنشود بأقل نسبة خطأ ، وأقل نسبة تشويش ، وأما إن ضعف اليقين في
قدرة الجهاز البيولوجي على تنفيذ المطلوب فإن البحث لن يوصلك لنتائج مرضية
وبالتالي سيذهب جهدك سدى ، لذالك أحسن التحكم في جهاز العقل وسترى العجب .
أحبابي
المحترمين وصلنا لنهاية هذا الموضوع لا تبخلوا علينا بزياراتكم المتكررة وشكرا .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها