تريد التنقيب عن
الذهب تتبع مسار السلاسل الجبلية
بسم الله الرحمان
الرحيم
التنقيب
عن المعادن ليست هواية بقدر ما هي وسيلة من وسائل كسب الرزق ، وتمثل شغف الكثيرين كمورد
وافر من موارد الرزق أو كعمل مستقل قد يحقق أحلام الكثيرين ، لاكن جل من يبحث في
هذا المجال يتعامل مع الطبيعة بشكل عشوائي وكأنها جائت من العدم ، ولم تبنى وفقا
لقوانين علمية وظواهر طبيعية صاحبت كل قانون على حدى ، متجاهلا بذالك جل الظروف
الطبيعية التي أدت إلى نشوء وتشكل عروق الذهب من الألف إلى الياء ، وهذا الإفتقار
المعرفي المسبق يحول بين الباحث وبين طموحه في تحقيق ذاته ، إذ أن القواعد
المشتركة بين أغلب هؤلاء سواء العرب منهم أو الأجانب تقتصر فقط على أماكن الرواسب
والوديان ، سواء النشطة منها أو الموسمية ، بالإضافة إلى عروق الكوارتز وبعض
المؤشرات الدلالية البسيطة كالتربة السوداء وعروق الكالسيدوني وصخور الشيست
والرصاص وغيرها ، إذ أن جل هذه المؤشرات قد نجدها ونصادفها في أي مكان كان ، لاكن
لا تكون مصحوبة بالذهب ويضيع البحث والباحث في آن واحد ، إلا وإذا تم العثور على
بعض العينات بمحض الصدفة فإن البحث ينحصر في تلك البقعة وخصوصا إن كانت ضمن نطاق
جبلي ، وتعتبر الصدفة الوسيلة الوحيدة المعتمدة حاليا في مجال التنقيب ، إذن لو اعتمدنا
على فهم سليم لبعض الظواهر الطبيعية المؤدية إلى تشكل ونشوء هذا المعدن ، فالبأحرى
سنعزز من فرصنا للحصول على بعض القطع الذهبية ، كيف ذالك ؟ أولا ما يجب علينا أن
نفهمه وهو الظاهرة الطبيعية التي تشكلت إثرها السلاسل الجبلية ، باعتبارها المورد الهام
والرئيسي لمعدن الذهب ، فالسلاسل الجبلية تشكلت إثر ظاهرة تسمى بتداخل الصفائح
التكتونية ، أي أن القشرة المحيطية تدخل تحت القشرة القارية مسببة بذالك ضغط
واحتكاك هائل جدا ، ما يسبب في نشوء تكتلات ومرتفعات من الجبال تمتد على طول
السواحل ، لأن تداخل الصفائح التكتونية ينتج عنه دفع للقشرة القارية بغض النظر عن
الإحتكاك ، وهذه الظاهرة ينتج عنها تباعد القارات فيما بينها أو ما يسطلح عليه
بزحزحة القارات ، لاكن هذه الظاهرة الطبيعية لا بد لها من دوافع جيولوجية لنشوئها ،
لأنه لا يعقل أن تتداخل صفيحتان فيما بينهما بمحض الصدفة هكذا ، إذن هناك ظاهرة
أخرى هي التي تحفز القشرة المحيطية من القيام بهذا الدور الحيوي للكرة الأرضية ،
وتسمى هذه الظاهرة بالدروة المحيطية أو البراكين التي تنشط بداخل البحر ، إذ أن مصطلح
الدروة هذا مأخوذ من كلمة ذروة الجمل ، إذن فالنشاطات البركانية المحيطية تعمل على
تضخيم القشرة المحيطية انطلاقا من إفرازات الحمم أو اللافا المتكررة ، ما يؤدي إلى
ظهور تكتلات صخرية غير ثابتة وكبيرة جدا وبأحجام متفاوتة ، هذه الأخيرة ترفع من
مستوى القشرة المحيطية بشكل دوري إلى أن تصل للقشرة القارية ، وبهذا تصبح القشرة
المحيطية والقشرة القارية في حالة تدافع وانزلاق ، وهناك أمر آخر مهم جدا يدخل في
دك هذه التكتلات الصخرية المحيطية ويجعلها شبه مستوية مع قاعدة المحيط ، وهي ظاهرة
الزلازل القوية والناجمة عن انفلات أحد الطبقات المحيطية ، مسببة بذالك ارتجاج قوي
جدا قادر على تسوية جل التكتلات الغير ثابتة ، طبعا هذا الأمر لا يحدث بين عشية
وضحاها ولاكن يلزمه وقت طويل جدا ليتحقق ، وكما هو معروو أن القارة الإفريقية
والأوروبية تتباعادان بمقدار واحد سنتمتر كل سنة ، هذا فقط كإثبات لهذه الظاهرة
على أي
نعود إلى ظاهرة تداخل هذه الصفائح التكتونية لنعرف باقي العوامل الأخرى المترتبة
عنها ، إذ أن هذا التداخل ينتج عنه احتكاك قوي جدا وتدافع ، وهذا الإحتكاك يحول بعض
المعادن إلى أبخرة كالذهب والكبريت والرصاص والحديد ، ثم تسري هذه الأبخرة صعودا نحو
الأماكن الباردة على مستوى طول الشقوق لتتبلور بعد ذالك في ظروف طبيعية ملائمة إلى
أن يأتي دور الترميم ، ولفهم المقصود بالترميم أو عنصر الترميم سنعود بكم للعلاقة
التي تربط بين الذهب والكوارتز ، وهو أن هذه الشقوق الحاملة للذهب تشكل مسالك جوفية
للمياه الحارة ، والتي تكون محملة بشذرات الذهب والسليكات الذائبة ، ما يحدث في
هذه المرحلة وهو أن السيليكات تبرد في هذه المسالك وتدخل ضمن طور التبلور في وجود
معادن أخرى تزامنت مع كل هذه الظروف الجيولوجية التي مرت ، وبمرور الوقت تتشكل
عروق الكوارتز مرفوقة بمعدن الذهب ، لاكن في نفس الوقت لا يمكن العثور على الذهب
دائما ضمن نطاقات الكوارتز هذه ، إلا في حالت ما إذا تحقق كل هذه الظروف الطبيعية ،
وكان تداخل الصفائح التكتونية يقع في أماكن يوجد بها معدن الذهب مسبقا .
إذن بعد
فهمنا لكل ما تقدمنا به من شرح ، يجب على أي باحث أن يتوجه نحو الأودية والأنهار
التي تقع مباشرة في سفوح السلاسل الجبلية التي تشكلت إثر ظاهرة زحزة القارات ، وهذه
الطريقة تعتبر من بين أهم الوسائل الممنهجة حول العالم في مجال التنقيب عن الذهب ،
إذن ما نستخلصه أن التقنية والإحتراف في أي مجال لا يقبل محاسن الصدف وإنما التحلي
بقليل من العلم مع قليل من الصبر وقليل من الوقت نستطيع أن نحقق هدفنا المنشود ، وقريبا
إنشاء الله سنتكلم عن أنواع الصخور المترتبة عن مثل هذه الظواهر الجيولوجية لكي
تكون هناك خلفية معرفية مسبقة يمكن الإستناد إليها قبل الخروج في جولة بحث ، دون
اللجوء لتتبع سلاسل جبلية يتخطى طولها مئات الكيلومترات .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها