القائمة الرئيسية

الصفحات


 

الصخور الحاظنة للذهب

بسم الله الرحمان الرحيم
الذهب
الصخور الحاظنة للذهب

إن من بين أهم الأسئلة الواضحة والتي لا تلقى إجابات في عالم التنقيب عن الذهب ، وهي التي تتعلق بخصوص الصخور الحاظنة للذهب أو حتى أماكن تواجده ، وهل نستطيع الجزم بكون وجود هذه الصخور يعطي مؤشر جيد على وجود الذهب ؟ أم لا ؟ إذ أن كل هذه الأسئلة حقيقة تصب في عمق مجال التنقيب عن الذهب بصفة عامة ، وتلخص مشوار كبير جدا من العناء على الباحثين في هذا المجال ، أولا سنصحح بعض الأخطاء الشائع تداولها على الأنترنيت لنستطيع فهم عالم التنقيب عن الذهب بشكل صحيح ، فأول خطأ يطرح نفسه وهو صلة القرابة بين الكوارتز أو الفلدسبار والذهب ، إذ أن كل باحث يؤمن إيمان قطعي بأن أهم موارد الذهب حول العالم وهو عروق الكوارتز ، أو أماكن انتشاره بشكل واسع ، وهذا خطأ فادح جدا ، يجعل كل باحث يعلق آماله بهذا الفهم الغير دقيق ، لن ننكر بأن الكوارتز مؤشر جيد جدا ومعتمد ، ولاكن ظروف التكوين هي التي تكون الفاصل بين وجود الذهب من عدمه ، أولا الكوارتز يعتبر معدن شائع بوثيرة غير مسبوقة ، ولو كان الأمر صحيح لما اتسم معدن الذهب بالنذرة ولكان سعره أرخص من سعر باقي المعادن الرخيصة ، ويتشكل الكوارتز أساسا من ثنائي أكسيد السيليكون ، والسيليكا هذه قدر الجيولوجيون نسبتها من تركيب الكرة الأرضية بحوالي 100/90 ، أي أنها عنصر أكثر انتشار مقارنة بباقي عناصر الأرض الأخرى ، إذن فما العلاقة التي تربط معدن الذهب بالكوارتز ؟ وللإجابة عن هذا السؤال سنحاول الإستعانة بالجبال البركانية أو الدورات البركانية بصفة عامة ، إذ أن اللافا أو الصهارة التي تكون محملة بالمعادن وجل العناصر الفلزية الباطنية ، إثر عامل الضغط إما أن تخرج عبر انفجارات أو أن تبحث لها عن شقوق أرضية تمر منها ، كنوع من تقليل نسبة الضغط ، وهذه الشقوق تكون عادة وكر من أوكار المعادن التي تبقى عالقة على مستواها بعد انتهاء النشاط البركاني ، إذن ما يلي هذه الدورات البركانية من نشاطات أخرى وهو المياه الحارة والساخنة التي تمر بانتظام وباستمرار على مستوى هذه الشقوق ، والتي تكون محملة بشذرات الذهب والسيليكا المذابة ، فتبدأ السيليكا بالتجمع والتبلور والترسب شيء فشيء لينشأ عنها عروق كوارتز تشمل جل الشقوق التي مرت منها هذه المياه الساخنة ، وبذالك يتشكل عرق كوارتز مع قطع ذهب ولربما معادن أخرى ، لاكن في نفس الوقت ليست كل الشقوق التي شهدت نشاطات بركانية محملة بالذهب ، وليست جل المياه الحارة ساحبة للشذرات ، كما أن الجبال البركانية ليست كلها حاظنة للذهب ، وهذا أمر منطقي لن نختلف عليه ، إذن القواعد التي يلجأ إليها خبراء التنقيب حول العالم ، وهو عند الوصول إلى مكمن ذهب خام يلجؤون إلى دراسة بعض التفاصيل الأخرى ، أهمها الصخور المجاورة لهذا المكان ، ثم يدونون الملاحظات أو بالأحرى القواعد التي سيبنون عليها بحثهم مرة أخرى ، فمثلا كان ذالك المنجم يقع ضمن نطاق الصخور الجيرية ومختلط معها مثل ما هو الشأن بالنسبة للكوارتز والذهب ، فهنا تدون القاعدة بأن الصخور الجيرية تعتبر مؤشر جيد على وجود الذهب ، وهكذا تسك القواعد في علم التنقيب عن المعادن ، أي أن كل اكتشاف جديد يعتبر مؤشر قد يساعد الباحثين في تقليص مدة البحث عن العروق ، لاكن المطلق والأكيد في عالم التنقيب وهو اللجوء إلى الرواسب الجبلية أو الأنهار الدائمة السريان وكذالك الموسمية كأماكن تتجمع فيها جل المعادن الثقيلة والتي جرفتها المياه من أماكن بعيدة ، أي دراسة النطاقات الجغرافية الواسعة ، وأما عن الذهب الميكروسكوبي ومسحوق الذهب ،  والذي صاحب بعض النيازك أو الذي تشكل إثر تآكل الذهب بعوامل الطبيعة ، فيمكنكم العثور عليه في أي مكان كان ، لأنه لا يحتاج إلى عوامل طبيعية قوية جدا كي يتنقل ، بل بمجرد هبوب الرياح الموسمية يتنقل إلى مسافات بعيدة ، لاكن طرق استخلاصه تعتمد على الأحماض الكيميائية وقد تكون مكلفة أحيانا ، لأن نسبه غالبا ما تكون ضعيفة جدا في التربة ، ويستلزم على الباحث فرز أطنان من التراب للوصول إلى راسب غني بمعدن الذهب ومعادن أخرى ، كما أن تقنية الإستخلاص عن طريق الأحماض صعبة جدا للوصول إلى ذهب بدرجة نقاء عالية ، لذالك يجب البحث عن الذهب الطبيعي الخالص بالطرق التقليدية حفاظا على جودة المعدن الخام .

وأما فيما يتعلق بالصخور الحاظنة للذهب والتي زممها بعض الخبراء انطلاقا من مناطق اكتشاف بعيدة فهي كثيرة ومتنوعة جدا مثل الكوارتز والمغنيتايت والهيماتيت واللازورد والملاكيت والصخور الرسوبية والصخور الزيتية والصخور البركانية والصخور الحجرية الرملية والصخور الجيرية والبيروتية والفلوريت وحتى صخور الجرانيت وغيرها الكثير والكثير ، كل هذا التنوع في الصخور يعطينا فكرة واضحة جدا ، على كون أن المعدن الأصفر قرين التغيرات النمطية التي طرأت على مستوى سطح الأرض ، من ثورات بركانية وزلازل قارية فسحت المجال لتدفق الحمم المحملة بالمعادن الثمينة ، وإذا أخذنا إطلالة على أكبر مناجم الذهب حول العالم سنجدها كلها متمركزة في قمم جبال بركانية ، أي أن القاعدة الأساسية قبل البحث عن الكوارتز وعن باقي المؤشرات الأخرى وهو البحث عن الجبال البركانية ، والتي تتمتع بالتنوع الصخري من كوارتز ومن أحجار كريمة ومؤشرات جيدة ، ولا بأس أن نلجأ إلى دراسة في جدية في غمار البيبليوجيولجيا والتي تسمح لنا بأخذ إطلالة جد معمقة حول ظروف تكوين السلاسل الجبلية ، والتي يعود عمرها لملايين السنين ، لأن ميدان التنقيب عن الذهب يعتمد على الدراسة والصدفة

 

 

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات