القائمة الرئيسية

الصفحات

 

المصائد المتعلقة بالكنوز والدفائن

بسم الله الرحمان الرحيم

خطورة الرصد في الكنوز

                               خطورة الرصد في الكنوز



لقد كان القدماء فيما مضى يتمتعون بذكاء بالغ وجد متطور عكس ما نحن عليه اليوم ، إذ كانوا عوض أن يلتجؤوا للتكنولوجيا والتي تلت عصرنا الحالي وبلغت الأفاق السامية في العديد من الميادين ، فقد كانوا بفكرهم المعاصر يركزون على الجانب الروحي التجاوزي والذي مكنهم من بلوغ مراتب غير مسبوقة في هذا العلم ، وتم توضيف بعض هذه التقنيات في مجالات عديدة حتى في كيفية تخزين الكنوز والودائع ، وكدى طرق الدفن التي تستند إلى أسس عقائدية بحسب الحظارة وتاريخها ، لاكن ما يهمنا كباحثين هو الإستناد إلى المنطق وفهم بعض الإحتماليات الميكانيكية والكيميائية والروحية التي تم توضيفها في مرحلة الدفن ، والتي تلت كل حظارة لتحصين ودائعهم من النهب والسطو المعاصر لحقبتهم ، وأغلب هذه الأفخاخ كانت توضع في المغر والسراديب والأنفاق والكاتيدرائيات والقبور الملكية ، لاكن كباحث في هذا المجال وبحسب معرفتي المتواضعة فإن أغلب الكنوز المحصنة كانت تعود لأناس مهمين ومن ذوي النفوذ والسلطة ، وكانت ذات قيمة مادية مرتفعة ومعنوية وعقائدية في نفس الوقت ، إذ من البديهي أن تكون مهمة للغاية حتى يدطر مالكها من وضع أي نوع من هذه الأفخاخ ليستطيع تحصينها ولو لفترة زمنية معينة إلى حين عودته إليها مستقبلا ، أما الكنوز الأخرى من الودائع والتي كان أصحابها يميلون إلى تجارة القوافل والفلاحة وكانت لديهم ممتلكان وكانوا يخشون أن تنهب منهم ، فقد كانوا يقومون بطمرها في أراضي فلاحية تابعة لهم ، أو في أماكن مجاورة أخرى ، بحيث كانوا يزممون مخطوطات ووثائق مكتوبة على جلد الحيوانات وبمادة صمغية قابلة للصمود مع مرور الزمن ، بحيث يوثقون فيها كل المعلومات المتعلقة بمكان الدفين ومحتوياته وطريقة استخراجه السليمة ، لاكن ما يهمنا في هذه المقالة هو فهم لبعض الآليات القاتلة من الأفخاخ والتي استعملت بشكل كبير جدا وأيضا أنواعها .

_ الأفخاخ الميكانيكية

·      الرجوم الصخرية : تعتبر الرجوم الصخرية الأكثر انتشارا حول العالم خصوصا في بعض الكنوز الرومانية والفرعونية والإغريقية وكدى حظارات أخرى متعددة والتي تناقلت هذه الفكرة عبر أجيال وأجيال ، بحيث كانت المداخل المتصلة بالأنفاق والسراديب والمقابر الملكية تمتاز بأسقف عالية ، وكانت تصنع مسبقا لغرض تحصين هذا المدخل من أي دخيل كشف عنه مسبقا ، حيث أن هذا السقف كان يملئ بصخور كبيرة جدا كانت تخضع لتقنية جد معقدة في الوضع والملئ ، وكان الرجم كله يثبت بحصى صغيرة قابلة لأن تسقط إثر أي حركة اهتزازية غير مباشرة من أي دخيل ، أو يثبت الرجم كله بأداة جد حساسة تكون متصلة بشيء مهم جدا كخاتم من الذهب أو جرة بها شيء من المعدن وتكون مموضعة في بداية المدخل ، إذن أول ما يدخل الباحث ويرى هذا الشيء المهم مموضعا على الأرض يحمله وبذالك يسقط الرجم كله ليغلق باب المدخل تماما ، لاكن الكارثة تكمن في كون هذا الرجم قابل لأن يسقط على الإنسان الذي يحاول اختراق مكان الدفن وتكون نهايته حتمية .

·      الحفر المموهة : طبعا هذه الحفر لطالما رأيناها في بعض أفلام الخيال العلمي كفيلم  la momie ، وهي حقيقة مادية كانت تستعمل سابقا لحماية الكنوز من السرقة والسطو ، بحيث كانت تقوم العملية على إنشاء حفر جد عميقة في المداخل الرئيسية لغرف الدفن ، ثم يقام فوقها مباشرة سقف وهمي ومموه يشبه أرضية المدخل تماما ، لدرجة أن المرئ لا يستطيع التفريق في ثنايا المدخل ولا حتى هندسته لدرجة أنه يكون جد متناسق تماما ، فإذا تم فتحه مستقبلا فإن الباحث سيكون أكثر عرضة للغوض في هذا البأر العميق وينتهي أمره .

·      الديناميت والمتفجرات : كلنا نعلم أن الكنوز تتعلق بالحظارات الغابرة ، أي أن الحاضر والمستقبل يخلوا من عمليات الدفن وطمر الأشياء النفيسة وهذا خطأ كبير جدا ، بحيث أن الكنوز ليس لها ماضي ولا حاضر ، والإنسان كلما حل وارتحل يترك وراءه آثار وكنوز مع مرور الزمن ، لذالك فإن عصر النهضة الفكرية والذي تلى الفترة ما بين 1300 و 1600 أيضا لم يخلوا من هذه العملية البدائية ، بحيث توالت الحروب والإستعمارات في بقاع العالم برمته ، وكان السطو المسلح الذي تلى هذه الحقبة وما بعدها يأخذ ثروات البلاد المستعمرة بالغصب ، لاكن المقاومة أحيانا كانت تعيق عملية نقل هذه الثروات إلى بلاد المستعمر ، فكان يدطر إلى دفنها في مواقع جغرافية تقع تحت سيطرته ويحكم إغلاق دفنها ، لاكن الغريب في الأمر أنهم كانوا يحصنونها ببعض الديناميت والقنابل المتفجرة والتي تلي باب الدفن مباشرة ، بحيث أنهم كانوا يعزلون هذه المتفجرات من الرطوبة وعامل الماء وأي شيء آخر من الممكن أن ينهي مهمتها ، وكانت تكون القنبلة الرئيسية التي ستفجر بقية الديناميت جد حساسة ومتصلة بسلك رفيع من الذهب تفاديا للتآكل ومثبت في آخره ، بعد ذالك يتم طمر المكان بإحكام بالغ إلى حين رجوعهم إلى هناك ، لاكن بعد الإستقلال يبقى المكان منسيا إلى حين اكتشافه ، وأي خطأ قد يقطع هذا الخيط أو يجره من مكانه يعد بمثابة انتحار مباشر .

·      الأفاعي : هناك بعضا من الفراغات والقبور والغرف والتي كان يتعمد أصحابها عند مرحلة والإغلاق خصوصا في المناطق النائية الصحراوية أن يجعلوا قناة هوائية أو منفذ خارجي متصل بالباب المؤدي لغرفة الدفن مباشرة ، وكانوا يزعمون وضع بعض الزواحف الخطرة من الأفاعي داخل الغرفة كي تتكاثر هناك وتخرج من تلك القناة للبحث عن الطعام والماء ، بحيث تمثل لها الغرفة ملجأ آمن وأيضا توفر لها الرطوبة والجو المناسب لتكاثرها ، فلو تلاحظون في مجموعة الفيديوهات على اليوتيوب لمجموعة من القبور التي تم فتحها فيعثرون على كم كبير من الأفاعي بداخله ، والغرض منها هو حماية الدفين من أي متسلط قادم .

_ الأفخاخ الكيميائية

نفس الإستراتيجية تنهج في كافة المدافن ، لاكن الفخ الكيميائي وهو الذي ينبني على أساس وضع مواد سامة كالزرنيخ ، على مستوى الأرضية وعلى الدفين مباشرة ، بحيث أنه عند غلق الفراغ المدفني وطمر معالمه يتحول هذا السم من قاتل لأكثر فتكا مع مرور الزمن ، ويطور نفسه شيءا فشيءا ليصير قادر استهداف الجهاز العصبي أو التنفسي للإنسان أو حتى خلق أورام جلدية خبيثة بمجرد لمسها أو استنشاقها ، والفراغات مهما كانت عندما تغلق لفترات زمنية طويلة جدا فإن الأكسجين بداخلها ينعدم ويتحول لغاز مدعم بجراثيم خطرة للغاية ، لذالك ينصح دائما في حالة فتح أي فراغ أن يتراجع الجميع للخارج ويتركوا الفرصة للأكسيجين كي يتخلل الفراغ ويخرج السموم منه لبرهة زمنية لا تتعدى ساعة واحدة ، بعد ذالك يمكنهم الدخول واكتشاف المكان من الداخل .

_ الأفخاخ الروحية

وهي المعروفة عالميا والمشاعة والمتداولة في العالم برمته وتسمى بعالم الرصد ، بحيث يلجأ صاحب الوديعة إلى وسيط روحاني متمكن جدا ، فتقوم العملية على أساس سحر تلك الوديعة عن طريق طلاسم وعزائم لاستحظار ملك من ملوك الجن قادر على توكيل أحد خدامه بحراسة الوديعة ، بحيث من الواجب القبول بالشروط المنصوص عليها في الإتفاقية بين الروحاني وملك الجن والتي تكون عبارة عن قرابين مغرضة ، وكلما كانت الطقوس التي يؤديها الدجال الروحاني والقرابين كبيرة كلما تم توكيل أحد الخدام الأقوياء بشدة ، بعد ذالك تعطى لصاحب الوديعة رخصة الدفن مع العزيمة لفك الرصد ، وهذه العزيمة عبارة عن مفتاح سري لا يعلمه سوى صاحب الكنز فقط ، لاكن دائما ما يقع هناك تضارب بين مؤيدين ومعارضين لهذه الحقيقة ، فأغلب الحالات التي ناقشناها مع ذوي الإختصاص يؤكدون على أنهم رأو أشياء غير مألوفة وغير طبيعية عند محاولتهم لاستخراج الكنز مع وجود طائفة أخرى تنفي حقيقته ،  لاكن من باب الحيطة والحذر أن يحصن الإنسان نفسه ويصلي صلاة الإستخارة ، وهذا واجب ديني قبل أن يكون دنيوي ، عموما نوصي القراء الوافدين بأخذ الحيطة والحذر وليعلموا علم اليقين أن مجال استخراج الكنوز ليس بالشيء الهين .

كل ما أنزلنا لكم في هذه الفقرة الكتابية ليس إلا جزء لا يتجزأ من المصائد والأفخاخ ، لذالك فعالم الكنوز يعتبر الداخل مفقود والخارج مولود ، والإنسان دائما في انتظار المفاجآت الماورائية التي تنتظره ، فيستوجب أخذ الحيطة والحذر والتمهل في جميع الخطوات من البداية إلى النهاية .

 

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات