القائمة الرئيسية

الصفحات

 

الجرون المستطيلة والمستقيمية

بسم الله الرحمان الرحيم

تحليل الجرون
الجرون المستطيلة والمستقيمية


أكيد أن الكثير من الباحثين من صادفوا هذا النوع من الإشارة ، وأكيد أن الكثير منكم انخدع بزيف هذه الإشارة ، وتورط في أمور كثيرة من التيه ، جعلته يتخبط في عدة احتمالات لا منطقية ، كون أن هذه الإشارة تنقسم لعدة أقسام ، فمنها ما يدل على الدفن ومنها ما لا يمثل الدفن بصفة مطلقة ، وذالك نظرا لعدة عوامل جيوغرافية وتاريخية ، نلتمس من خلالها معطيات عن حقيقة الإشارة ، وهذه الإشارة في ظاهرها عبارة عن جرون مستطيلة تقع على خط مستقيمي ، أو عبارة عن شبه سيال منتظم لاكن متقطع بمسافات منتظمة أو نسبي ، حيث يكون الجرن المستطيلي الشكل هذا منتظم نوعا ما وضيق من القعر ، وتكون أيضا المسافة الفاصلة بين هذه الأجران متقاربة جدا في القياس ، أو قد يكون الإختلاف في القياس نسبي ، ونظرا لهذا الإنتظام في الهندسة ينزل الباحث للتحليل ، ويبدأ باتباع مسار هذه الأجران ، أو ميلان الصخرة الحاظنة أو ما شابه ، مع العلم أن هذه الجرون لم تكن معتمدة كثيرا كإشارة للدفن أو للقبور ، لأنها مجرد تعبير عن مهنة الحجارة قديما ، حيث كان الحجارون يعتمدون على أداة تسمى بالكونية في قطع الصخور أو في تكسيرها ، وهذه الكونية هي الأداة التي كانت تستعمل قديما في ثقب الصخور أو في قطعها كوسيلة بدائية ، ولها أشكال وأحجام متنوعة ، فمنها الدائري ومنها المربع ومنها المستطيلي ، و تكون مسطحة من الأعلى بينما تكون حادة من الجزئ السفلي ، ما ينتج عن ثقوبها أجران منتظمة من الحواف الخارجية وحادة من الداخل ، حيث تأتي هذه الثقوب بشكل متتابع ومستقيمي مع طول الجزئ المراد قطعه ، ويتم الطرق عليها بشكل دوري بالواحدة تلوى الأخرى ، تزامنا مع طول الصخرة حتى تنكسر ، ليفصل الجزئ المراد توضيفه ، أو الجزئ الذي تمت هندسته مسبقا ، لتوضيفه في أغراض عدة ، كالبناء أو تشييد الطرق القديمة أو القبور أو ما إلى ذالك ، إذ يدخل هذا النوع من الهندسة القديمة في ما يسمى الآن بالقص الصخري ، لاكن السؤال المطروح هنا هو ، هل يمكن الإعتماد على هذه الإشارة في الدفن ؟ أم هي مجرد عملية قص صخري لم يكتمل ؟ لتبقى الآثار معلقة على الصخرة .

طبعا الصخور التي كانت تستعمل قديما لها طبيعة قاسية جدا كالغرانيت أو البازلت أو ما شابه ، وتكون كبيرة جدا ومرتفعة عن مستوى سطح الأرض ، حتى تكون صالحة تماما لفصل الجزئ المراد العمل عليه ، وأما إن كانت هذه الإشارة سماوية ، وعلى صفى مستوية مع مستوى سطح الأرض فهي غير صالحة للقص بناتا ، لذالك نستطيع اعتمادها كإشارة للدفن ، ولأنه من غير المنطقي إهدار جهد مضاعف على صخرة قصد القص ، ثم الحفر عليها دون معرفة حجمها مبدئيا واستخراجها ، أو تركها لحال سبيلها ، لذالك يجب أن ننتبه جيدا لنوع هذه الأجران ، وأن ننتبه كذالك للمسافة الفاصلة بينها والتي لا تتخطى 20 سنتمتر كأقصى حد ، لأن هذه الجزئيات هي التي ستساعدنا في معرفة الغرض من تلك الصخرة ، كما يجب أن ننتبه جيدا للمميز عليها في حالت ما إذا كانت الأجران موضوعة بغرض الدفن ، كالجرن الدائري مثلا أو بصمة الحصر أو حتى جرن القلم ، لأن أحيانا قد تكون له دلالات توجيهية ، عموما الجرون المستطيلة والمستقيمية التي تنحت بغرض الدفن ، يجب أن تكون المسافة الفاصلة بينها تتخطى 30 سنتمتر وأن تكون على صفى مستوية مع الأرض وليس لها ارتفاع ، وأن تكون الأجران منتظمة جيدا ، وأن يكون لها مميز أو علامة توجيه ، وغالبا ما تكون الأهداف المصاحبة لها عبارة عن قبور ليس إلا ، هذا من جهة ، من جهة أخرى هناك أمر مهم جدا يجب أن ننتبه إليه ، وهو أن الأماكن التي كان القدماء يلجئون لها لقص الصخور ، كانت عبارة عن مقالع كبيرة جدا ، وكانت  كلها تحمل هذه الإشارات أو آثار الكونيات ، إذ تجد آثار القص أينما حللت وارتحلت ، وفي هذه الحالة تكون المنطقة غير مكنزة لأنها كانت مصدر رزق ليس إلا ، واحتمال آخر أن تكون هناك رانات أو جرون مال صغيرة الحجم شكلت كأثر للإشتباه بعد مدة كبيرة جدا من قص الصخور في هذه المنطقة ، هذا من باب العلم ، مسألة أخرى يجب أن ننتبه إليها وهو قطر القص ، حيث نجد أحيانا على صخرة مثلا جرون مستطيلة ومتوازية ، أو نجد هذه الإشارة في مقالع قص الصخور ، إذ أن قطر الجزئ الذي كان يراد قصه لا يتعدى 20 سنتمتر ، في هذه الحالة سواء أكان القص بغرض الدفن أو لا ، فإن القطعة المراد قصها توحي لنا بإمكانية توضيفها في لحود المقابر ، أي بمعنى صريح ستستعمل في دفن الأموات ، وتبعا لتلك الحظارة قد يرافق الدفن شيئ من المقتنيات أو القطع الثمينة ، لذالك دائما انتبه لمثل هذه الحيثيات ، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بمثل هذه الإشارات .

وكملاحظة أخرى فإن هذه الإشارة إن كانت مموضعة على صخور هشة ، فسواء أكانت سماوية أو جانبية فقد تمثل الدفن الثمين ، لأن الصخور الهشة لم تكن معتمدة قديما في التوضيف لأغراض حياتية ، لذالك فأغلب الظن أنها صممت لشيئ آخر ، ولكون أن عالم الإشارة كله احتمالات جائزة فلا يجب أن نقول بأن هذه الإشارة استعملت فقط لقص الصخور .

 

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات