كيف تتخلص من ضغوطات الحياة
الحياة معارك لا تنتهي ، والحياة مجرد مقدمة لتكملة الصفاة وليست لتكملة الشهوات ، لطالما وصفت الدنيا باختبار ساري المفعول يخضع لظروف متغيرة ، ويمتد لمد البصر إلى اللامنتهى ، معارك قد ندركها ونعيها ونعايشها لتأخذ جزئ كبير من وعينا وحياتنا المادية ، فتدخلنا في حالة من الشرود الذهني ودوامة من السهو المنقطع النظير ، فتكون لها آثار سلبية خطيرة على مستويات عالية الطاقة ، فقد تتلاعب بالعامل النفسي والعصبي وقد تخلف ورائها ردود فعل خطيرة وكوارث غير محتسبة ، وهناك معارك أخرى قد نصرفها للاوعي للمعالجة التلقائية ، لأنها مشاكل تتلاعب فقط بالعامل النفسي الباطني دون إدراك منا أو وعي ، وهي معارك ملازمة وليس خارجية المصدر ، ونحن من يكون السبب وراء حدوثها وهي أقرب وصف لما نسميها بالنفس اللوامة ، وهي فرع آخر من المعارك الدنيوية التي تنقسم إلى أشطر أخرى تحسبا لكل حالة ، لا تعتقد بأن الحياة قد تمنحك كل شيء وتحقق لك الأماني والمتطلبات ، بل هي اختبار يميل إلى كبح المتطلبات التي يصبوا لها المرئ مهما كانت تافهة ، حتى صرنا نؤمن إيمان قطعي بما يسمى العكاس أو العكس في الحياة ، فتشعر بأن الدنيا صارت ضضك وصرت خاضعا خضوع إجباري لما تشتهيه هي ، وتستسلم في النهاية لكافة القوى الخارجية التي لم تكن بحسبانك ، كمثل الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن ، فيدطر المؤمن التقي لإسقاط المطلب الذي كان يسعى جاهدا ورائه ، إلى الشر الغيبي أو المن الإلاهي الإيجابي ، لعل أمانينا قد تكون غير مرتبطة ارتباط وثيق بالغيب ، ولا نعلم أخير أريد بنا أم رحمة ، ولربما قد تكون شرا قد نقع فيه مستقبلا لتدركنا الرحمة الإلاهية بالمنع الإجباري ، فالله سبحانه وتعالى إيجابي مطلق ورحمته تفوق رحمة الأم بابنها ، فكيف سيبخل على عبد يصبوا وراء مطالب زائلة وفانية ولا يعلم ظاهرها من باطنها ، لاكن الغريب في الأمر أن كل الأماني لا تتحقق وكل المطالب تلوح نحو الآفاق المظلمة ، فكيف سيكون الإلاه الرحيم بهذه القسوة ويمنع رحمته من النزول ؟ أفكار تتسلل إلى الذهن مشحونة بقوى سلبية خطيرة تساور كل إنسان بالإجماع ، لطالما الأماني والأحلام ليست رهينة طبقة اجتماعية معينة ، بل هي غريزة بشرية فطرية تعم كافة البشرية بدون استثناء ، والإنسان مخير في قراراته وارتباطاته وليس مسير ، لذا نحن من يصنع الحدث ونحن من يتحمل العواقب ، والله سبحانه وتعالى غني عن أي وصف وبعيد عن محل الإشتباه ، والحوائج والأماني تقضى بالكتمان وليس بالعلن ، لطالما العين حق والعين قوة ، إذن فإن الظن حق والظن قوة ، ونحن من يتحكم في القوى خارج النطاق الحسي لدينا ، ونحن من يحطم الأماني والأحلام بالجهر وإفتاء الأسرار .
يقول (ص) : من عقد عقدة بيده فنفث فيها فقد سحر 《صدق رسول الله》، والسحر هنا لا يشترط أن يتم من قبل ساحر أو مشعوذ ، لعدم ثبوت نعت الفاعل في الحديث ، فقط بالنية تستطيع تمرير القوى المرغوب بها كيفما كانت ، والنية قوة وطاقة تستطيع توضيفها فيما تشاء وتشتهي ، 《لقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى》، والعمل قرين النية وليست النية هي قرينة العمل ، لكون العمل في الحديث يتقدم عن النية بشوط واحد ، لذا ساير الحياة بإيجابية مطلقة ولا تحزن على خيبات الأمل والأماني ، ولا تحزن لفقدان صديق أو قريب ، لأن الصداقة والقرابة مصالح ، ولا تغضب من غدر البشر لأن المسلم لا يعني الإسلام ، وإن اعتنقت الإسلام فلا تعتنق المسلمين ، لأن الرابطة تجمع العبد بربه فقط ، ولا تجمع العبد بطرف آخر سواه ، فكم من صديق وقريب كان باطنه يخفي ما لا يعلمه سوى الله ، ورغما عن ذالك ستره الله إلى حين أن كشف أمره بنفسه ، والمقصود من الصديق هو من كنت على اتصال مباشر به ولك منه خزان ذكريات ، فسبحان مبدل الأحوال ، وسبحان من يكشف الخفايا والأسرار وجعل الفراسة قرينة القلوب والنوايا ، وعن تجارب حياتية خالية من الزبونية والمحسوبية ، أقول لكل من يعاني من حرب الحياة وخيبات الأماني المتكررة ، ويريد الخروج منتصرا مرفوع الهامة ، وهو إقصاء القرابة والصداقات وغربلة الماضي من الشوئب ، فكم قارئ لهذه النص يتمنى لو يعود الماضي أدراجه ليصحح أخطائه ، ويصنع كاريزما صحيحة خالية من النسبية ، وحتى الأموات أنفسهم يقولون لأهل الدنيا أنتم في غفلة ونحن في حصرة ، لا زلت أتذكر ذات مرة نصحني مجنون قائلا ، لا تنسى الماضي وإنما لا تعمل به ، أي كن إيجابي ولا تكرر الأخطاء ، فكن إيجابي .
أبو محمد ابن يمين
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها