الآبار التكنيزية
بسم
الله الرحمان الرحيم
الآبار التكنيزية استعملت كأي
ملاذ آخر للدفن ، واستغلت كنقاط تمويه من طرف نبلاء القوم والإقطاعيين ، حيث أن
الإنسان القديم لم يترك خرما في هذه الأرض إلا واستغله لصالحه ، وكان استغلاله
لنقاط الدفن متقنا جدا ، وبعيدا عن كل الشبهات ، لذالك فإن الآبار بدورها لم تسلم
من هذا الإستغلال والتوضيف في مجال التخزين ، إذ صنفت ضمن البروز الهندسي المشيد ،
والذي يعتبر كعلامة بارزة وظاهرة للعين ، حيث استغلت على نحو واسع سواء كتثبيت للمدافن
والرانات أو كنقاط انطلاق لمكان الدفن ، أو كعلامات توجيه مثلا ، وهذا الوصف نشهده
خصوصا عندما يتعلق الأمر بالآبار العمومية أو آبار الملكية العامة ، وهي التي كانت
تستغلها الرعية من القبائل ومخولة لكل فرد من أفراد القرية ، إذ لم تكن تستعمل
غالبا كتثبيت ، لأنها كانت محط أنظار القرية كاملة ، ومستغلة بشكل كبير جدا ، فقط
استغلت كنقطة انطلاق نحو مكان الدفن كبروز إرشادي مشيد ، حيث يكون الدفن في هذه
الحالة عبارة عن وديعة صغيرة فقط ، تعود لأحد أفراد الطبقات المجتمعية المتوسطة ، وهذه
القاعدة ليست زجرية ، فقد استغلت أيضا كتثبيت لاكن ليس بشكل شائع جدا ، مثل ما هو
الشأن بالنسبة لآبار الإقطاعي ، وهذه النقطة سنعود لها لاحقا ، وأما عن الآبار
التي شيدت بغرض الدفن فعادة ما تكون إحدى خصوصيات الطبقات النبيلة وتكون هندسية
بامتياز ، ولها مواصفات جغرافية جيدة قادرة على استيعاب أبعاد البئر ومكان الدفن
كذالك ، وأما فيما يتعلق بوجود الماء من عدمه فهذا ليس شرطا أساسيا لأنها صممت بغرض
الدفن فقط ، وقد تحمل خاصيتان في خاصية واحدة ، وأما عن الترميز فكلا الصنفين قد يرمزا بإشارات
أو قد يكونان مجردان من الإشارة ، ما دام البئر يصنف ضمن الإشارات البارزة ، والآبار
كما أشرنا فهي أنواع وأصناف كثيرة منها الدائري ومنها المربع والمثلث والمستطيلي ،
إذ أن كل هذه السمات الهندسية لا طائل منها ، ما يهم هو كيف شيد وأين بالضبط ، كون
أن الطبيعة الجغرافية هي التي تحدد لنا قابلية إنشاء مدفن بالمواصفات المطلوبة كما
سبق وأشرنا ، لذالك فطرق التشييد الصالحة هي التي تقبع في أماكن صخرية صالحة لنحت
بئر أو سرداب أو حتى غرفة ، ما يتيح للقدماء بنحت الأرض على الطبيعة التي يرغبون
فيها ، كما تكون الأراضي الخصبة أيضا ملاذا للدفن في حالة الآبار المشيدة والمدعمة
بأساسات وجدران ، وأحيانا أدراج أدراج ، أي بمعنى صريح أن الأراضي الغير صخرية أو
الهشة دعمت ببناء داخلي متين ما يتيح لهم فرص التوغل لإنشاء غرف وأنفاق .
ما نستفاده هنا أن أشهر الآبار المكنزة هي المشيدة من الداخل أو
المنحوتة على الصخر ، أيا كان عمقها أو مواصفاتها الهندسية ، وخصوصا تلك التي لا
تحوي مياها بداخلها ، فغالبا ما يكون أساس البئر أو حوافه السفلية هي المدخل ،
وأما إن كان به ماء فيجب البحث عن المدخل بالحواف العلوية من البئر ، سواء عن طريق
الطرق أو عن طريق استعمال البنزين والماء ، وأحيانا قد لا يكون البئر متصل بغرفة ،
فقط يحوي رانا ثمينا بداخله ، وهذه المواصفات تنطبق تماما على البئر المشيد من
الداخل .
وأما عن الرانات الكبيرة التي استعملت لتخرين الحبوب أو تلك التي
استعملت لتجميع مياه الأمطار ، فلا تقل أهمية عن ما أسلفنا لكم ، فقد استعملت على
نطاق واسع قديما لتخزين الودائع من الأموال سواء بداخلها أو بجوارها ، إذ تكون
أيضا متصلة بسرداب مؤدي إلى غرفة أو يكون بداخلها ران ، وخصوصا المطامير التي
يتخطى عمقها بين 5 و 10 أمطار تقريبا .
وأما عن الآبار العمومية فأيضا كانت تكنز ، وخصوصا تلك التي تضم صفى
بجوارها لغسل الوبر ، إذ تكون معلمة بإشارات كالمنقلة أو الجرن اللولبي أو حتى
المخروطي ، لاكن غالبا ما لم تعتمد على نطاق واسع جدا ، لأنها كانت خاضعة لرقابة
الأهالي .
نتمنى أن ينال هذا الطرح استحسانكم وإلى موضوع لاحق بحوله تبارك وتعالى
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها