عش الخفاش
بسم الله الرحمان الرحيم
عش الخفاش |
في السنوات العشر
الأخيرة كثر القيل والقال عن أسطورة الخفاش ، أو بصريح العبارة عن عش الخفاش ، حتى
صرنا نرى تجارب تقام عليه للفصل بين الأصلي والمقلد ، في حين أن أسعاره بلغت عنان
السماء ، وصارت تقدر بأرقام فلكية ومبالغ خيالية ، فصار الناس مؤمنين بحقيقة العش
، وصار البحث عنها داعي من دواعي الإسترزاق ، لتكرس على غراره رحلات برية في مختلف
الأنحاء حول الوطن العربي ، وباتت الكهوف المتهومة بوجود الخفاش وكر من أوكار الباحثين
، لتؤلف على خلفيته الكثير من الدعايات الترويجية والقصص ، والكثير من الفوائد
والمنافع التي يطالها محتواه الداخلي ، فمنهم من قال أن العش يحوي بداخله مادة
هلامية تستعمل في السحر والشعودة ، ومنهم من قال أن محتواه يحوي مادة تستعمل في
علاج النزيف الدماغي الحاد ، ومنهم من قال أن المادة التي بداخله تعالج مرض
السرطان ، ومنهم من قال زئبق أحمر ، ومنهم من قال حيض أنثى الخفاش ، إلى آخره ، مع
العلم أنه لغاية الساعة لا توجد أبحاث علمية تثبت فوائده العلاجية ، ولا توجد أصلا
مصادر موثوقة تثبت وجوده ، نظرا لظهور فيديوهات تكشف طرق صناعته وفبركته من الداخل
، وتكشف كذالك عن كيفية جعله يتأرجع عن طريق تجربة الثوم ، عموما الكذبة التي تروج
وتلقى قبول من العقول الصماء تصبح حقيقة في غضون فترة وجيزة ، ولتقريبكم أكثر من
الموضوع سنحاول فهم القليل عن حياة الخفاش ، حتى نستطيع تقبل فكرة العش أو نبذها .
طبعا
طائر الخفاش كباقي الثدييات الولودة الأخرى ، والتي تلد جروا واحدا في كل موسم
تزاوج ، حيث تتزاوج هذه الأخيرة في فصل الخريف وأوائل فصل الشتاء ، وتكون دورة
حملها تتراوح بين 7 و 9 أشهر ، لتتجمع أخيرا في مستعمرات خلال فترة الولادة ،
والتي تتزامن بين أواخر مايو ومنتصف شهر أغسطس ، حيث يطلق على هذه المستعمرات إسم
مجاثم الأمومة ، والسبب الذي يجعلها تتجمع بهذا الكم الكبير ، وهو بغية التناوب
على إطعام جرائها بشكل دوري ، حيث تستمر هذه الفترة بما بين 8 و 12 شهر ، وأما عن
كيفية ولادتها فهي تلد معلقة رأسا على عقب ، لتدفع بجروها خارج رحمها ، وتجعله بين
قدميها ، ثم تحتضنه بجناحيها ، لتسهر على إرضاعه
طوال فترة الحضانة ، أي بمعنى صريح فإن الخفاش لا يملك عشا ولا يصنع عشا ، وأما عن
تلك الأعشاش التي تروج للنصب والإحتيال أو تلك الشرنقات ما هي إلا نسخ للفكرة التي
طرحت في أفلام دراكولا ، والتي نلاحظ من خلالها نمو مصاصي الدماء في شرنقات شبيهة
بعش الخفاش ، حيث ظهرت لأول مرة عمليات النصب هذه في دولة إيران ثم سرعان ما
انتشرت في مختلف دول شمال إفريقيا ، وإلى غاية الآن لا يزال البعض مؤمنين بخرافة
العش ، ويقول البروفيسور وعالم الإحياء بتركيا عرفان البيرق ، أن النصابين ينصبون
هذه الشرنقات المصنوعة يدويا في الكهوف ، ثم يستدرجون ضعاف العقول إليها ليروها
معلقة وكأنها حقيقية ، ويقال أن الشرنقة المفبركة يوضع بداخلها مسبقا مغناطيس
نوديوم قوي جدا ، ثم يوضع بداخل الثوم الذي يجربون به تأرجع الشرنقة ، قطعة من
الحديد لصنع التجاذب ، لتبدأ المساومة والبيع .
عموما
إن الخفافيش لا تبني أعشاشا ولا شرانق لكي لا يضحك عليكم ، وكي لا تضيعوا وقتكم في
البحث عنها .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها