الجرون الجنائزية
بسم الله الرحمان الرحيم
الجرون الجنائزية |
اختلفت معاني الجرون واختلفت التفاسير التابعة لها بين أغلب محللي
الإشارات ، حيث نالت كل واحدة أبعاد مختلفة جدا في التحليل والماهية ، حتى صار
التناقض أمر بديهي ومن المسلمات ، في حين أن الإختلاف هذا صاحب الأزمنة القديمة
وشمل الرمزيات والمعتقدات وحتى الديانات ، فكان من البديهي أن تنال كل فترة زمنية معتقد
وموروت ثقافي وفلكلور جديد ودخيل ، وخلافا لكل تحليل قد نلامس أحيانا أوجه المنطق ،
وقد نلامس أيضا بعض الإختلافات والتناقضات في التفاسير ، لاكن بيت القصيد ونقاط
التشارك في كافة التفاسير هي ثبوت المعالم التابعة لهذه الجرون ، وثبوت الإختلافات
بين كل جرن على حدى مهما كان التطابق في العمق والقطر وارد ، عموما فإن الجرون
بمختلف أنواعها وأشكالها تنقسم لعدة أنواع ، منها ما هو تكنيزي ومنها ما هو تتابعي
وما هو تمويهي وحتى ما هو توضيفي ، والذي كان يستعمل في بعض الأغراض الحياتية ،
مثل طحن الحبوب والبذور بطريقة بدائية وخصوصا الجرون المخروطية ، وواقع الجرون في
الحقيقة بحسب المتفق عليه أنها تتخذ أشكال المعالم التي صممت لأجلها في البعد
الثلاثي ، كالقبور خاصة والأنفاق
والسراديب والمغر والآبار ، بحيث أن شكل الجرن يمثل شكل المعلمة بكل ما تتضمنه
الحقيقة المادية من أبعاد ، لاكن فيما يتعلق بالمعالم المكنزة التابعة لهذه
الأجران ، فإن عنصر التمويه يأخذ موقف ثابت من هذا الأمر ، وتكون الأجران
التكنيزية منها ما هو دلالي على طبيعة ونوع المعلمة ، ومنها ما هو تمويهي ومنها ما
هو تثبيتي ، والتثبيت قد نقصد به جوار الصخرة الحاضنة للإشارة وليس الهدف بالضبط ،
إلا في حالات استثنائية .
عموما فإن ما يهمنا في طرح اليوم هو الجرون الجنائزية ، والتي تكون
موزعة على صفى مستوية ويكون لها نفس أبعاد القياس ، وأحيانا قد تكون الصخرة
الحاظنة تحمل فقط جرن أو اثنين للدلالة على قبر ذكر وأنقى ، أو قد نصادف إشارة المنقلة وهي تكون كرمز لمقبرة
الفقراء ، أو مقبرة القبائل القديمة ، لاكن ما يهمنا هو الجرون التي يكون لها نفس
أبعاد القياس ، وكقاعدة مهمة جدا يستند إليها الأتراك في تحديد الإتجاه هو ملئ
الجرن بالماء واتباع مجرى التدفق ، أو زاوية الميلان ، وغالبا ما يكون الإختلاف في
التربة الحاظنة للقبر ظاهرة للعين المجردة ، جراء عملية الردم القديمة ، فيكون لون
التربة مختلف نسبيا عن لون التربة الأصلية ، أو قد نجد تحدب على مستوى القبر كبطن
المرأة الحامل ، وأحيانا قد نصادف رجم من الصخور ، كما أن هناك قاعدة أخرى يعمل
عليها الأتراك وتناولناها في مواضيع سابقة ، وهي التي تعتمد على المحيط الجغرافي ،
بحيث يمكن للباحث أن يقف فوق الصخرة الحاظنة للإشارة ، وينظر إلى المحيط المجاور
لها عن طريق دورانه في مكانه بزاوية 360 درجة ، كي يستطيع ملاحظة أي اختلاف غير
طبيعي أو أي بروز مشتبه فيه ، كشجرة معمرة مثلا أو صخرة كبيرة جدا أو رجم من
الصخور أو ما إلى ذالك , والجرون في تفسيرها الفلكلوري بحسب الوارد في النصوص وفي
فلسفة الديانات ، أنها استعملت لمباركة الموتى كجزئ من تحقيق التقاليد الدينية ، وكانت
تحرق ويصب عليها ما يسمى بالماء المبارك والنبيذ والبخور ، ثم تقام الجنازة بترتيل
كلمات مقدسة ونحر الذبائح ، ونظرا لكون أنها تحرق فأحيانا ما نصادف جرون لها قواعد
سوداء اللون جراء الحرق ، لذالك فإن قبور الموتى ليست مخفية أو سرية ، بل تكون
ظاهرة للعيان ، ونستطيع تميزها بكل سهولة .
ومن الجذير بالذكر أن نتكلم عن الجرون الجنائزية والمتفاوتة في
القياسات ، أي تلك التي تكون أعماقها وأقطارها مختلفة ، فهي تحدد لنا طبيعة القبر
وحجمه وعمقه وأيضا أعمار أولائك الموتى ، لأن الجرن الكبير الحجم مقارنة بالجرون
الصغرى ، يحدد لنا عدد الأفراد الراشدين أو العجزة ، وأما الجرون الصغيرة فتحدد
لنا عدد الأطفال الصغار أو المراهقين ، وأما عن المسافة الفاصلة بين الإشارة
والقبر فلا تتخطى عادة 50 متر ، أي أنها تكون عادة في مرمى العين ، هذا فيما يخص
القبور بصفة عامة ، وأما إن كانت مكنزة فإن عنصر التمويه يكون وارد جدا ، لذا يجب
احترام اتجاهات الدفن ، وتعيين الإتجاه بدقة مع مراعات المميز للتوجيه ، فمثلا
الرومان والبيزنطيين تجد قبورهم مموضعة على الجانب الشرقي ، سواء في المنبسطات أو
السفوح أو حتى الهضاب والتلال ، وتكون مائلة قليلا ، وحتى مداخل القبور كانت تكون
على نفس هذا الإتجاه ، لذا يجب مراعات هذا البند والأخذ بالإتجاهات الجنائزية قبل
االخوض في تحليل الإشارة ، كما أن هناك أمر مهم جلي بالذكر وهو القص الصخري للتثبيت
، ويجب أخذه بعين الإعتبار
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها