تشكل البلورات ونموها
بسم الله الرحمان
الرحيم
هناك
الكثير من المتطلبات والظروف الجيولوجية الملائمة لنمو البلورات ، حيث تعتبر هذه
الظروف شروط طبيعية لا ينبغي أن تتغير ، ولا أن يحدث بها أي اختلال ، بل يجب أن
تستمر لفترة جيولوجية معينة ، كي يكتمل التبلور في ظروفه الملائمة ، فمن بين أهم
هذه المتطلبات وهو عامل الزمن والذي يخول للبلورات مدة كافية كي يكتمل النمو بشكل
طبيعي ، ثم درجة الحرارة الملائمة والعمق الملائم ، تليه نسبة الضغط ، ثم المركبات
الكيميائية التي تتحكم في لون الحجر وصنفه ، بالإضافة إلى الفضاء الملائم لنمو
البلورة ، كون أنها أحجام وأقطار مختلفة ، لذا فمن الظروري توفر الجيب المناسب والفضاء
الكافي ، كي تأخذ البلورات أحجامها الطبيعية ، كل هذه العوامل الخمسة تعتبر مهمة
جدا ، بحيث لا يجب أن تحدث تغيرات غير مرغوبة فيها ، من شأنها أن تعطل عملية التبلور
لأسباب سنذكرها تاليا .
مبدئيا سنحاول
إلقاء نظرة قريبة حول الظروف الموجودة تحت سطح الأرض ، كي نستطيع فهم شبه معمق حول
ظروف التكوين ، والتي من شأنها أن توفر ملاذا ممكنا وآمنا لعملية التبلور ، فالأرض
تتكون من أربع طبقات تتوزع حول أعماق مختلفة ، حيث تشكل الحواجز الفاصلة بين كل
طبقتين نقاط تفاعل مستمر ، إذ تتوزع هذه الطبقات بحسب الترتيب ، من الطبقة السطحية
للقشرة الأرضية مرورا بطبقة الوشاح أو طبقة الدثار تليها النواة الخارجية ثم النواة
الداخلية ، حيث يقدر سمك القشرة الأرضية السطحية بما يقارب 60 كيلومتر ، بينما طبقة الوشاح فتصل سماكتها إلى ما يعادل
2900 كيلومتر ، مشكلة بذالك ما يناهز 100/84 من حجم الأرض ، حيث تتكون من صخور
منصهرة ومعادن وغيرها ، لاكن حرارتها أقل نسبيا من حرارة النواة ، والتي لها الفضل
في إبقاء التيارات الحرارية مستمرة ، وتصل حرارة الديثار في النقطة الفاصلة بينها
وبين القشرة الخارجية ما معدلته بين 500 و 900 درجة مئوية ، وأما النقطة الفاصلة
بين الديثار والنواة الخارجية فتصل حرارتها إلى 4000 درجة مئوية ، وهكذا تزداد
معدلات الحرارة بوثيرة تصاعدية كلما اتجهنا نحو النواة ، لاكن ما يهمنا هو نقطة
التفاعل بين الوشاح والطبقة السفلى من القشرة الأرضية أو الطبقة الموالية للوشاح ،
هذه الطبقة المدطربة تخضع لحرارة وضغط عالي جدا يؤدي إلى تصدع وتآكل قاع القشرة
السطحية للأرض ، وخلافا على ذالك تتحرر الصخور وتخضع لسيطرة الصهارة لتذوب في
النهاية ، محررة بذالك الكثير من العناصر الكيميائية ، مما يغير من مركبات هذه
النقطة الفاصلة ببن الوشاح وقاع القشرة الأرضية ، وخلافا لكل هذع العوامل والإدطرابات يتأثر السطح
السفلي للقشرة الأرضية بشدة مخلفا ورائه تصدعات وتجاويف ، منها ما شكله التآكل الحراري
ومنها ما شكله الضغط الغازي ، ومع مرور الزمن وتوالي التفاعلات ، تتسرب هذه
السوائل المعدنية المركزة من الوشاح مباشرة لملئ هذه التجاويف ، والكسور ، لأنها
توفر مساحات جيدة للنمو وضروف تبريد ملائمة وحتى الضغط المناسب لحدوث عملية
التبلور ، وكذى المركبات الكيميائية
الكفيلة بصنف الحجر ، الشرط الجزائي المتبقي وهو عامل الزمن فقط ، فإن حضيت هذه
التجاويف بالمدة الزمنية اللازمة والتغذية المستمرة ستنمو البلورات بشكل جيد ،
وأما إن حدثت هناك انقاطاعات تغذية أو انهيار في هذه الجيوب أو تم غلق الجيب
فسيتوقف كل شيء تماما ، لأن هذه المنطقة المدطربة تستطيع تشكيل الجيوب وهدمها وحتى
إغلاقها ، فالجيب يجب أن يملئ بالصهارة المعدنية ، كما يجب أن تستمر دورة تغذيته
بالعناصر اللازمة من الصهارة المعدنية دون انقطاع ، فإن أغلق الجيب وتوقف الإمداد
المعدني تتوقف العملية برمتها ، إلى أن يفتح مرة أخرى وهكذا لتستأنف عملية النمو
من جديد ، وأحيانا قد تشكل هذه الإنقطاعات بلورات ذات ألوان مختلفة مثل الفلوريت ،
لأن قشرة الأرض تطفو فوق الوشاح وتتحرك باستمرار خلال الحركات التكتونية ، ما يجعل
الجيوب أيضا تتحرك لتبلغ إلى أماكن أخرى بها مركبات معدنية مختلفة عن السابق ، ما
قد يؤدي إلى نشوء بلورات بألوان تدرجية .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها