القائمة الرئيسية

الصفحات

 

مصطلح الهالة في علم الإستشعار

بسم الله الرحمان الرحيم

علم الإستشعار
الهالة 


والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، مرحبا بكم مرة أخرى في موضوع جديد يتضمن معلومات جدا هامة عن ماهية الهالة ، وكيف تتشكل تدريجيا ؟ وكيف يمكن التنبؤ بوجودها وقياس كثافتها ؟ كل هذه التساؤلات سنجيب عنها تدريجيا وسنحاول فك ألغازها للإيضاح ، ولأخذ نظرة معمقة تصف معنى الإهتزازات في البعد الكمي وما دونه .

طبعا الهالة مجرد مصطلح سطحي داع صيته بين كافة الباحثين في مجال الاستشعار ، سواء الباحثين منهم عن الكنوز أو الباحثين عن المياه الجوفية والفراغات ، ليصف لنا بذالك النشاط الإشعاعي الذي يحيط بجل العناصر الموجودة على الاطلاق ، سواء أكانت طبيعية أو مصنعة ، بحيث لا يهم نوع العنصر أو حجمه أو حتى كثافته ، أيا كان العنصر سواء مدركا أو كميا ، إلا في بعض الحالات التي تتطلب الدقة في قياس كثافة هذا الفيض الاشعاعي ، فيستوجب منا أخذ الحجم والكتلة والكثافة كمعيار أساسي في البحث ، وهذا موضوع سنجوب أغواره قريبا إنشاء الله تعالى لنفصح من خلاله عن طرق التفريق بين بعض العناصر الطبيعية وخصوصا الدايامغناطيسية منها .

وبالرجوع لموضوع الهالة فقد لخص هذا النشاط الإشعاعي في كلمة واحدة قد يغيب فيها الوصف الدقيق لطبيعته ، بحيث تلى اجتهاد الخبراء حول العالم عدة اختلافات جدرية فيما يخص المرجعية العلمية والسند ، لتطرأ بعده عدة تناقضات واختلافات خلافا لجملة التفاسير الملحقة ، جل هذه التفاسير ضمنت ماهية الهالة وطريقة نشوئها ومما تتركب ، فمنهم من وصف الهالة بإشعاع ومنهم من وصفها بمجال مغناطيسي أو كهرومغناطيسي ومنهم من قال استجماع وتبديد للطاقة ومنهم من أخذ من هذا وذاك ومنهم من ينعق بما لا يعلم ، بحيث أن المعلومة إذا صيغت أوصافها بلكنات متعددة يتغير المعنى كليا لتصير سفسطة غير قابلة للفهم ، عموما ولغاية الآن فإن المتفق عليه يصب باتجاه الطاقة التي تستقطبها وتمتصها جل العناصر القابلة والغير قابلة للمغنطة ، ثم تصرف الفائض منها بشكل أو بآخر لتحافض فقط على نسبة معينة تتوافق مع مستوى الطاقة في تلك اللحظة ، لكون أن الطاقة هي المولد الرئيسي لجملة النشاطات الإشعاعية كيفما كانت ، بحيث لا وجود لنشاط دون إهدار للطاقة ولا وجود لإهدار طاقة دون استجماعها ، ولفهم المعنى أكثر سنغوص قليلا في غياهب المستويات الكمومية ، التي من شأنها أن تعطينا إطلالة قريبة لفهم هذه الظواهر .

طبعا المادة الساكنة في ظاهرها جماد ، بغض النظر عن الأنماط الإحيائية والبيولوجية الموجودة في الطبيعة ، لاكن البعد الكمي وما تحته يقول العكس ويناقض ظاهر الرؤيا ، حيث أن هذا النشاط الذري سواء المركبات منه أو الجزيئات أو الأيونات يستوفي تغذية مستمرة من عناصر الطاقة الطبيعية وعلى رأسها الضوء ، كي يستمر نشاطها وإفرازها لهذه الهالة ، فلو أمعنا النظر في هذا البعد نجد دائما وأبدا إليكترونات حرة نشطة تتغذى على عناصر الضوء المرئي لتستمر في نشاطها ، وكلمة إلكترون حر نشط في أي عنصر طبيعي يعني كهرباء ، لأن الكهرباء كتعريف هو فيض من الالكترونات الحرة التي تسري في مسار موحد كالموصلات الكهربائية وغيرها ، إذ من شأن هذا النمط الطبيعي أن يولد مجالا كهرومغناطيسية إن كان اتجاهه موحدا ، لاكن في الطبيعة يكون هذا النشاط عبثيا وغير منتظم إلا في البعض الحالات الشاذة ، وهذه الالكترونات الحرة تكون موجودة غالبا في أي عنصر طبيعي ، ومنها من يتحرر بسبب قوى الفوتونات التي تمتصها هذه الأخيرة ، فيصير محمل بطاقة أكبر من نقيضه في الشحنة ، ليتم تحريره من مستوى طاقة قريب للنواة إلى المستوى الذي يليه ، وهكذا ذواليك إلى أن يتحرر كليا من السحابة الإلكترونية فيصير خارجا ، لتتحول الذرة مباشرة إلى أيون ، أو ما يسمى بالعامية عملية الأكسدة والإختزال ، هنا تبدأ الهالة في النشاط وليس النشوء ، لكونها موجودة في الأصل لاكن يلزمها تفاعلات كيميائية كي تتبدد الطاقة بشكل أكبر وتتمدد الهالة .

طيب نأتي إلى مفهوم مصطلح الإشعاع أولا ثم نكمل موضوعنا ، مبدئيا كلمة إشعاع أو العنصر المشع بمفهومه العلمي هو الذي ذراته غير مستقرة بسبب عدم وجود توافق في النواة بين عدد البروتونات والنيوترونات ، فمثلا ذرة الأورانيوم نجد عدد البروتونات يساوي 92 وعدد النيوترونات يساوي 143 وهذا الفرق الشاسع بين البروتونات والنيوترونات يسبب عدم توافق بينهما مما يؤدي إلى تحول عنصر الأورانيوم إلى مشع ، واحتمال وارد أن يحدث هنالك انشطار نووي ، قادر على تقسيم الذرة إلى ذرتان ، ليطرأ عنهما تحرير نيوترونات عالية الطاقة مسببة بذالك أشعة غاما ، وجسيمات أخرى نووية مسببة موجات ألفا وبيطا ، ما يطلق طاقة حرارية واشعاعية مميتة ، إذن فالإشعاع هو موجات عالية التردد مؤلفة من جسيمات عالية الطاقة ، لاكن هل كل العناصر الطبيعية إشعاعية ؟ الجواب تقريبيا ونسبيا سيكون لا ، أي أن كلمة إشعاع كوصف للهالة مصطلح نسبيا مقبول ويجوز الإشارة إليه كوصف للهالة ، لطالما لا نعرف نوع العنصر الذي نتعامل معه ميدانيا ، وعليه خرجنا باستنتاج هام جدا وهو أن الهالة عبارة عن طاقة وموجات في نفس الوقت .

وبالعودة للتفاعلات الكيميائية فإن الإلكترونات بما أن لها القدرة على الخروج من مستويات الطاقة التابعة لها ، فهي قادرة على أن تخرج من حيز العنصر الذي تنتمي إليه لتصير خارجه ، وكونها قادرة على هذا الفعل يلزمنا فقط معرفة سلوكها خارج العنصر الام .

هنا يأتي العالم لويس دي برولي ليتقدم بمعادلة الطول الموجي ، والتي تساوي ثابت بلانك مقسوم على كتلة الجسيم في تردده ، مبرزا من خلالها أن حركة الالكترونات أو الجسيمات عبارة عن موجات كهرومغناطيسية مثل ما هو الشأن بالنسبة لجسيمات الضوء المرئي ، والذي يتصرف كجسيم وكموجة في آن واحد ، هذه النظرية فندت نموذج بور للذرة ولازمت قناعات بعض العلماء في منتصف القرن العشرين ، ليأتي بعدهم العالم شرودينجر بمعادلته الموجية مؤكدا وداعما لنظرية لويس دي برولي ، وحتى مبدأ الشك لهايزنبرج والذي يدرس حاليا في درس النموذج الميكانيكي الكمي للذرة ، لم يطعن في نظرية دي برولي فقط جاء ببعض الإرتسامات حول خصائص الجسيمات الحركية والتي لا يمكن التنبؤ بها وقياسها بنسبة دقيقة جدا .

إذن ما نستنتجه من نظرة العلماء أن الجسيمات الحرة تتصرف تصرف موجات لها أطوال موجية وترددات ، أي أنها عند تحررها من العنصر الام تصير الهالة عبارة عن موجات قابلة للضبط وللقياس ، وهذا تقريبا يتوافق كليا مع مفهوم الإشعاع الذي تكلمنا عنه سالفا ، وللأمانة العلمية فقط فإن العناصر الحرة أو الجسيمات الحرة في العناصر الطبيعة دائما وأبدا تكون أزواج متلازمة بها السالب والموجب ، فوجود هالة مؤلفة من إلكترونات سالبة الشحنة يعني وجود بروتونات موجبة الشحنة يفصلهما جدار زجاجي مثل ما هو الشأن بالنسبة لحزام فإن آلن ، وهاتان الشحنتان يتوسطها فرق جهد يعطي طابع للمجال برمته ، هذا الطابع من شأنه أن يتحكم في حركة الأسياخ النحاسية ، كما من شأنه أن يعطي انفراج وتاكيس لنفس المعدن ، ولاحقا إنشاء الله سنتكلم في هذا الموضوع وسنعطيكم ما يفيد .

الآن وبعدما فهمنا معنى كلمة هالة بنظرة علمية ، لا تزال هناك حلقة مفقودة تثير الشك والريبة ، هذه الحلقة من شأنها أن تقلب هذا الموضوع رأسا على عقب ، وقادرة على أن تدخلنا في أمور قد يراها البعض تناقضا ، فكيف يعقل أن تحمل الهالة خصائص المجال المغناطيسي حتى ولو كان العنصر غير قابل للمغنطة أو غير قابل لأن ينجذب للمغناطيس إطلاقا كالعظام والفخار مثلا ؟ فالمجال المغناطيسي ألفنا وجوده في المغناطيس فقط ، وأما عن الفخار والعظام وغيرها فلا يجوز وصفها بهكذا تعريف لمصداقية العلم فقط .

طيب العلم يقول بأن الذرات تتمتع أيضا بمجال مغناطيسي لوجود نشاط ميكانيكي ساري المفعول ، ولوجود تغذية مستمرة ، بحيث أن جل ذرات هذا المغناطيس تتوجه أقطابها بانتظام مع أقطاب المغناطيس ، أي الشمال المغناطيسي للذرات يكون باتجاه الشمال المغناطيسي للمغناطيس ، ونفس الشيء بالنسبة للجنوب المغناطيسي ، وأما عن العناصر الغير ممغنطة أو التي تفتقر لخاصية جذب الأجسام فهي تتألف مما يسمى بالنطاقات ، وهي عبارة عن مجموع ذرات تتجه مجالاتها المغناطيسية بشكل عشوائي ، فمثلا قد نجد نطاق يتألف من مليون إلكترون تتجه مجالاتها باتجاه الجنوب الشرقي ، ثم نجد نطاق آخر مؤلف من مليون إلكترون متجهة مجالاتها باتجاه الغرب وهكذا ، أي بمعنى بسيط تكون المجالات المغناطيسية لذرات العنصر تتوزع بشكل غير منتظم عكس المغناطيس ، هذا هو الفرق بين المغناطيس والعناصر الأخرى ، لاكن يمكن توحيد هذه النطاقات وجعل العناصر الفيرومغناطيسية والبارامغناطيسية على وجه الخصوص ، تتمتع بمجال مغناطيسي يطابق معيار المغناطيس بشكل كبير جدا ، وهذا الموضوع سنتناوله قريبا إنشاء الله في طرح السيخ المطور الذي سنجربه جميعا ، وسنحجج طريقة صنعه بأدلة علمية .

عموما ما نستفاده من حاصل الفرق بين الخاصية المغناطيسية للمغناطيس والهالة أن لهم أوجه تشارك وهي : أن كلا العنصرين يتمتعان بمحيط خارجي مؤلف من جسيمات مشحونة كالالكترونات والبروتونات ، وهذا الأمر بديهي جدا لكون أن المجال المغناطيسي يمكن من خلاله توليد تيار كهربائي والعكس صحيح ، وهذا دليل آخر على كون أن الهالة عبارة عن طاقة ، وأما القاسم المشترك الثاني وهو أن أي مجال كيفما كان ، له القدرة على استقطاب جسيمات مشحونة أخرى قادمة من عناصر أخرى كبيرة الحجم ، وهذا أيضا موضوع آخر كنا قد شرحناه قبل ثلاث سنوات ، وعليه تتشكل الجزئيات أو المركبات وكذى البنيات البلورية ، وأما عن القاسم المشترك الثالث وهو الموجات القابلة للقياس في كلا العنصرين .

عموما فإن الهالة عبارة عن نشاط كيميائي من شأنه تحرير جسيمات مشحونة تتحرر لتحيط بالعنصر على شكل دوامة أو على شكل موجات مغناطيسية ، بحيث أن مولدات الطاقة الطبيعية كلما كانت نشطة كلما زاد نشاط العنصر كيميائيا لتتمدد هذه الموجات حتى تبلغ ذروتها ، أي بمعنى بسيط جدا يمكن تسمية الهالة بالمجال المغناطيسي أو بالنشاط الإشعاعي أو غيره من التسميات التي تطابق شرحنا لهذا الموضوع ....

أحبابي المتواضعين بهذا نكون قد وصلنا لنهاية هذه الحلقة وعليه نستغفر الله لنا ولكم وإلى الملتقى

 

 

 

 

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات