القائمة الرئيسية

الصفحات

 الإنسان بين العقل الواعي واللاواعي

بسم الله الرحمان الرحيم

العقل الباطن
العقل الواعي واللاوعي


العقل هو السمة الوحيدة التي أسهمت في تغيير مجرى التاريخ ، وبناء الحظارات منذ بداية الخليقة ، فاستطاع الإنسان استنادا إلى هذه الهبة الربانية من جعل اليابس أخظر ومن الصحاري مدن وعاوصم ، كما استطاع جوب غياهب البحار والظلمات واختراق الآفاف ، إسهامات لا يمكن نكرانها أو الضرب في مدى مصداقيتها ، لاكن لما أمعن الإنسان نظره في الآلية التي مكنته من تحقيق كافة هذه الإنتصارات ، وقف عاجزا وحسيرا ولم يفهم كيف قدر لكل هذا ليبلغ الآفاق ، هو العقل بظاهره وباطنه ، فالعقل كان ولا يزال مجهولا ونقطة سوداء وحلقة مفرغة حار فيها أعظم علماء ومفكري وفلاسفة الأرض ، سواء المعاصرين منهم أو الذين أمهدوا الطريق لهم ، حيث لم يستطيع أي أحد من التوصل إلى بعض الإمكانيات البسيطة نوعا ما لخلق توافق بين العقل والنفس ، وخلق وسائل لجلب السعادة والراحة النفسية التي يبحث عنها الجميع ، ٣ العقل سمة وجودية غير قابلة للضبط أو القياس .

مبدئيا منكم من ستبادره الشكوك بخلاف النفس والوعي ، وهل يمكن اعتبار الإنسان كوحدة مزدوجة أم هو وجهان لعملة واحدة ؟ طبعا الإنسان مزيج من عنصران يكملان بعضهما البعض ، ويعتبران وجهان لعملة واحدة ، العنصر الأول مادي وهو الذي نتواصل معه بشكل يومي ونعرفه بمسمى ولقب ، بحيث أن كل تلك الممارسات التي يشغلها ذاك الجسد المادي تخفي بداخلها جوهرا ميطافيزيقيا في نظرنا نحن ، هو الذي يتحكم في تلك الأفعال والصفات ، والوعي لا يموت حتى ولو مات الجسد ، لينطلق إلى أبعاد إيثيرية لا مادية ، وهذا البند نفسه ينطبق على العقل بما فيه الظاهر والباطن ، فأحيانا قد يتحدث الإنسان عن نفسه ويقول أنا من فعل كذا وكذا ، وكلمة أنا هذه لا تسجد البعد المادي له ، بل البعد الماورائي الذي يتحكم في الجسد ، ومنه فإن الإنسان عبارة عن ذوات كثيرة منها المكتشف ومنها الذي لا يزال قيد البحث ، فمثلا هناك الذات العليا التي تسمى الضمير والذات الدفينة التي تجسد الغرائز والرغبات وكلاهما بواطن منها المشترك ومنها المنفصل ، حيث أن الغرائز وحدة مقسمة على كافة البشر باعتبارها نقطة مشتركة لا تخص الواحد دون الثاني وأما عن الضمائر أو كل ما له علاقة بالعقل فهو مكتسب وتوضيفي بناء على أنماط الضمائر وخلفياتها وتجاربها الواعية ، وما يجب علينا معرفته وهو أن العقل والذي لا نقصد به الدماغ العضوي نفسه ، ينقسم إلى عنصر ظاهر وآخر باطن ، أو بعبارة أخرى عقل واعي وآخر لا واعي ، وهامش الفرق بين كلا العقلان اللذان يمثلان وجهان لعملة واحدة ، وهو أن الواعي يعمل وفقا للضرف الآني ويتعامل مع الأمور بقمة من الوعي والإدراك ، وهذا الظرف نفسه تكون له إسهامات كبيرة في التشويش والسيطرة عليه بالسلب أو بالإيجاب ، كل حسب شخصية الإنسان وكل حسب قدرته على التعامل مع الظروف ، ومنه فإن وضائفه تخضع لضغوط يومية تعطل من قوته وتجعله يلجأ إلى العقل اللاواعي لمعالجة كافة الضغوطات التي تشوش عليه ، وكورقة تعريفية قبل أن نطرح مثالا نشرح من خلاله من سبق ، سنعطيكم ورقة تعريفية لمعنى العقل اللاواعي ، فالعقل اللاواعي هو جزئ من الذاكرة التي تخزن بها كافة التجارب الواعية للإنسان ، هذه التجارب كلها تلخص مجرى حياة الإنسان الواعية بكل تفاصيلها ، لتنقل إلى أرشيف العقل الباطن الذي يستعيد هذه البيانات لحظة الحاجة إليها ، كما يعطي تصرفات قد نراها واعية لاكن مصدرها يكون هو العقل الباطن ، فمثلا قد تحدث بعض ظواهر الطلاق المبكر في حياة الإنسان ، فيدفع الأطفال ثمن أخطاء آبائهم ، بحيث أن جل الظروف الصعبة التي يمر بها الإبن أو البنت في غياب رعاية الأب أو الأم ، تولد لديهم خوف من الزواج وخلافه أو خوف من المستقبل ، فيضل يرى الزواج شرا يجب تفاديه والحذر منه ، لأن الظروف الصعبة التي مر بها العقل الواعي تم تحريرها مباشرة للعقل الباطن فضلت الفكرة راسخة في الذهن ومسايرة لخياة المستقبل ، وهذا الجانب يسمى بالعقد النفسية أو مرض روحي ، فكما يوجد هنالك مرض عضوي ، نجد أمراض روحية أخطر بكثير من تلك العضوية ، لذا يجب أن تعاد برمجة العقل الباطن حول أمور نقيضة لتلك الظروف التي عاشها الإبن أو البنت كي تستقيم الحياة وتعود المياه لمجاريها ، ومثل هذه الأمور يجب أن نجعلها من المسلمات لما لها من عواقب على المستوى البعيد ، ويجب التعامل مع الأمور الحياتية بظاهرها وباطنها ، حتى نبني لأجيالنا عقول باطنية خالية من الشوائب والعقد ، وأن نتعامل مع العقل الباطن بحذر وخصوصا في الأمور التي تتكرر كثيرا في حياتنا اليومية ، لأن التكرار هو القاعدة المعتمدة عالميا وينصح بها من قبل علماء النفس والأعصاب ، وهو الذي يبرمج العقل الباطن على المساعي المستقبلية ، فمثلا نريد أن نبني مشروعا ولا نمتلك المال ، يجب علينا أن نتعامل مع موضوع المال يوميا وأن نعطي الفرصة لعقولنا كي تفكر في استراتيجيات جدية لجلب المال ، وتكرار الفكرة يوميا أو التخمين يوميا في ضرورة المال يجعل العقل الباطن يغير من سلوكك الواعي تجاه عالمنا الخارجي ، فتجد نفسك يوميا تسعى وراء المال دون إدراك ، وللموازنة بين العقل الواعي واللاواعي يجب أن نتخلص من الأفكار الشاذة وخصوصا في فترة ما قبل النوم وفترة الصحوة ، حيث يكون العقل في أعلى مستويات الوعي ويفكر بترددات عالية جدا ، هنا تتم عملية البرمجة بسحب فكرة إيجابية وتكرارها مرارا وتكرارا .


author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات