الإنشطار النووي
بسم الله الرحمان الرحيم
المادة بصفة
عامة تتألف من ذرات غير مستقرة فيزيائيا أو نستطيع القول نشطة حركيا ، والإستقرار الفيزيائي
نقصد به الوضعية الحركية للذرة والتي تكون في نشاط دائم بالرغم من سكون المادة ، الجزئ
الخارجي مركب من جسيمات أولية تسمى بالإلكترونات ، وهي جسيمات سالبة الشحنة تحوم
حول النواة ، مشكلة بذلك ما يسمى بالسحابة الإلكترونية ، هذه الساحبة تتألف من
مستويات طاقة رئيسية وأخرى فرعية وأوربيتالات ، كل أوربيتال يضم أزواج من
الإلكترونات يقدر عددها من واحد إلى سبع أزواج ، بحيث أن كل زوج يضم إلكترونان يدوران
بشكل متعاكس مع بعضهما البعض ، ليلغيا بذالك عزمهما المغناطيسي ، بينما الجزئ الداخلي
للذرة فيسمى بالنواة ، إذ يتألف أساسا من عدد معين من البروتونات الموجبة الشحنة والنيوترونات
المتعادلة الشحنة ، عدد هذه البروتونات يمثل العدد الدوري للذرة لأن الإلكترونات
تكون أحيانا غير مستقرة ، فتنتقل من مدار لآخر أو من ذرة لأخرى ، لذا نقيم العدد
الذري بناء على عدد البروتونات ، وتقدر كتلة البروتون بألف وثمان مئة وستة وثلاثون
مرة أكبر مرة من كتلة الإلكترون ، أي أن حجم البروتون أكبر بكثير من حجم الإلكترون
بأضعاف المرات ، إلا أن لهم نفس مقدار الشحنة ، والتي تقدر قيمتها بواحد فاصلة ست
مئة وإثنان ضرب عشرة أس ناقص تسعة عشر كولوم ، هذا تقريبا كل ما يتعلق ببنية الذرة
كتعريف لنتمكن من فهم معنى الإنشطار النووي .
طبعا الإنشطار
يقصد به الإنقسام ، وإذا ارتبطت كلمة انشطار بنووي فهذا يعني انقسام النواة إلى
قسمين أو أكثر ، والأنوية التي ترتبط بهذا الإنقسام هي أنوية الذرات الغير مستقرة فيزيائيا
، فالإستقرار الفيزيائي هو السمة الفعلية التي تترتب عليها جل منظومة الكون ، إذ
يطرأ هذا الإنشطار النووي لعدم تكافئ بين عدد البروتونات والنيوترونات على مستوى
النواة ، كيف ذالك ؟ طبعا القوة النووية ، هي قوة تكون مسؤولة عنها جسيمات
النيوترونات ، إذ تعادل قوتها القوة الكهربائية الناتجة عن شحنة البروتونات في
النواة ، أي يكون هنالك تكافئ بين القوة الكهربائية الناتجة عن البروتونات والقوة
النووية الناجمة عن النيوترونات ، ونحن نعلم بأن البروتونات موجبة الشحنة ، ما
يؤدي إلى إنشاء قوة تنافر فيما بينها عند اقترابها من بعضها بالقدر الذي يتوافق مع
طاقتها ، وأما إن كانت الطاقة النووية تعادل الشحنة الكهربائية للبروتونات ، فإن
نواة الذرة تكون مستقرة ، وأما إن كانت الشحنة الكهربائية للبروتونات أكبر من
الطاقة النووية أو ما يسمى بطاقة الربط النووي ، فإن نواة الذرة تكون غير مستقرة
وبهذا تنشطر ، لتنقسم بذالك إلى نواتين أكثر استقرارا ، أي بمعنى أن استقرار
النواة يعتمد كليا على عدد البروتونات في نواة الذرة .
والتي
يكون عددها الكتلي أكبر من 200 ، والنواة التي يقصد بها من خلال هذا المسمى وهي أنوية الذرات
الغير مستقرة مثل الأورانيوم 235 عندما يكتسب نيوترون إضافي ، فتصير قوة التنافر
الكهروستاتيكية أكبر من قوى الربط النووية ، فتنقسم النواة لعدم استقرارها هذا إلى
عنصرين أو أكثر ، بحيث ينتج عن عملية الإنقسام هذه تحرير كم هائل جدا من الطاقة
عبارة عن أشعة غاما وأشعة بيتا ذات ترددات عالية جدا ، بحيث تتولد هذه الإشعاعات
إثر تحرير الأنوية لنيوترنات وفوتونات وجسيمات نووية أخرى مثل ألفا وبيتا ، فمثلا نواة
اليورانيوم 235 عندما تكتسب نيوترون لتصير كتلة النواة 236 , فإنها تنشطر مشكلة
بذالك نواتي باريوم وكريبتون أكثر استقرارا ، ومحررة بذالك طاقة هائلة جدا تقدر ب
200 مليون إلكترون فولت ، وهذه القوة تقدر بسبع أضعاف قوة الحزام الداخلي لكوكب
الأرض ، والذي تقدر طاقته ب30 مليون إلكترون فولت ، شيء آخر يرجح إلى انشطار النواة أو دخولها في نشاط كيميائي وهو
المسافة بين النيوكلونات ، والمقصود بالنيوكلونات هو البروتونات والنيترونات معا ،
بحيث كلما كانت المسافة قريبة بين النيوكلونات تكون الطاقة النووية كبيرة جدا ،
فتسيطر على انسجام النواة وخلق الإستقرار ، وأما إن كانت المسافة بعيدة بأربع مرات
من قيمة معينة قدرها العلماء ، فإن الطاقة الكهربائية للبروتونات تكون أكبر من
الطاقة النووية وبذالك تفقد إلكترونات أو بروتونات ، أي بمعنى أن توازن النواة
يتحكم في توازن الذرة بشكل كامل ، وفي إطار الأبحاث العلمية المجراة بهذا الخصوص ،
وجد العلماء أن عدد البروتونات إذا كان أصغر من يساوي عشرون فإن النواة تكون
مستقرة ، لأن عدد البروتونات يكون مساوي تماما لعدد النيوترونات ، كما تكون مستقرة
كذالك إذا كان العدد الكتلي بين عشرون وثلاثة وثمانون ، لأن عدد النيوترونات في
هذه يكون أكبر من عدد البروتونات ، وأما إن كانت البرتونات أكبر من ثلاثة وثمانون
تكون القوة الكهربائية أكبر من القوة النووية ، وبهذا تصير المادة الحاظنة مشعة .
وبالعودة
إلى ذرة اليورانيوم والمنهجية التي سلكتها أمريكا في تصنيع القنبلة النووية ، وهو
ما يسمى بالإنشطار المتسلسل ، ولحدوث هذا الإنشطار وجب قذف ذرة يورانيوم بنيوترون
حر وبسرعة معينة ، ولتحقيق هذه السرعة الدقيقة وجب على العلماء تبطئة هذا النيوترون
بفعل جدار عازل كالماء مثلا ، بحيث تكون له قدرة على امتصاص سرعة هذا النيوترون قبل
أن يصطدم بنواة اليورانيوم ، ثم بعد الإصدام تنشطر النواة الغير مستقرة إلى نواتي
باريوم وكريبتون أكثر استقرارا ، ومحررة بذلك ثلاث نيوترونات أخرى وطاقة حرارية
عالية جدا ، هذه النيترونات الحرة هي التي تصطدم بأنوية يورانيوم أخرى ، فتعمل على
انشطارها محررة بذالك تسع نيوترونات وطاقة حرارية عالية ، لاكن هذه النيوترونات
الحرة وجب أيضا تبطئتها من جديد ، كي تتمكن من القيام بعمليات انشطار نووية جديدة
، هنا توصل العلماء إلى ما يسمى بالكتلة الحرجة ، وهي كتلة دقيقة جدا من
اليورانيوم وجب ضبطها قبل إطلاق أول نيوترون ، بحيث أن النيوترون الأول تتم تبطئته
لتحقيق السرعة اللازمة للإنشطار ، بينما الكتلة الحرجة تجعل الأنوية تنشطر بدون
اللجوء لمبطئ نيوترونات ، والأمر أشبه بقيادة السيارة ، فالسيارة تسير بسرعة عالية
جدا إذا كانت الطريق سالكة وخالية ، وأما إن كانت الطريق مكتضة بالسيارات فوجب
تقليل السرعة مخافة الوقوع في حادثة ، وهذا الإكتضاض هو بمثابة الكتلة الحرجة
والتي تعمل على تبطئة النيترونات آليا ، وهذه الآلية هي التي سلكها العلماء في
تصنيع أول قنبلة نووية .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها