العقل الباطن
بسم الله الرحمان
الرحيم
والصلاة والسلام على
أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم . أحبابي كما واعدناكم
سالفا أننا سنناقش موضوع العقل الباطن كتعريف ليأتي الدور بعدها إنشاء الله تعالى على
قدرته المحدودة في التواصل مع العالم الخارجي ، ثم ستكون هنالك تجربة من أرض
الميدان مع رواد هذه الهواية سنبرهن من خلالها للعالم ما كنا نشيد به خلال حلقات
منصرمة ، وما زلنا مصرين عليه في الوقت الراهن ، وسترون كوارث العقل الباطن من أرض
الواقع صوت وصورة
العقل
الباطن نوع من أنواع السلوك البشري الذي يتحكم في بعض الوضائف الإدراكية
واللاشعورية ، لذا يشار إليه أحيانا بإسم اللاشعور أو اللاوعي أو العقل اللاواعي ،
ولو أن العقل اللاواعي اختلف في أمره بين بعض المفسرين والفلاسفة وعلماء الأعصاب لكونه
أعمق وأضخم من العقل الباطن بكثير ، لكن وقوفا عند العقل الباطن كتعريف فهو إشارة
لمجموعة من السلوكيات والوضائف التي تتألف وتميز الشخصيات البشرية فيما بينها ،
وهو نتاج للوسط والبيئة التي نما بها الإنسان وترعرع ، بالإضافة إلى تجارب حياته
السابقة ، والتي تضفي على شخصيته بعض السلوكيات المدركة التي يعيها المرئ كجزئ من
تكوينه ، بينما قد تتولد لديه سلوكيات أخرى بعيدة عن الوعي والإدراك كالعوامل
النفسية المكبوتة أو بعض الغرائز الجنسية ، ولقد صيغ مصطلح العقل الباطن من
الفيلسوف فريديرك شيلنغ في القرن الثامن عشر ، ليلقى ترحيب كبير في عدة مجالات
أخرى بعيدة عن الفلسفة كالشعر وعلوم ما وراء الطبيعة وغيرها ، والعقل الباطن نسج
من خيوط الوعي والإدراك كجزئية ، لكون أن هنالك أشياء مرت على الناظر كمر السحاب
وسجلت في اللاوعي دون إدراك منا ، وأما عن التجارب الواعية والتي تشمل النسبة
الأكبر في اللاوعي ، فهي كل التجارب التي تمت معاينتها وفلترتها وتقييمها ثم
تخزينها ، أي بمعنى صريح يمكن تسمية العقل الباطن بمخلفات ملكة العقل ، لأن العقل
هو الركيزة الأساسية التي انبثق منها العقل الباطن ، لينشئ عنه خزان كبير جدا من
المعلومات التي تتناسب مع شخصية الإنسان بظاهرها وباطنها ، ولا يمكن إدراك شيء عن
طريقه إلا بعد تدخل التجربة الواعية ، كتعلم السياقة مثلا أو تعلم اللغة أو ما
شابه ، وما لا يدركه العقل الواعي فلن تجد له وجود في اللاوعي .
_قوانين حاكمة في العقل الباطن :
هناك عدة
قوانين تحكم العقل الباطن جائت خلافا لمجهودات جبارة من رواد هذا العلم وأخذت من
مجهودات الغرب ما قد يتيح لنا فرص الإلحاد والدخول في دوامات من الشكوك ، لكون أن
هذه القوانين لم ترى المختبرات ولم تحلل تحليل علمي ، بل هي استنتاجات فكرية وسفسطية
معا ، منها ما هو منطقي ومنها ما يلوح بالفكر لآفاق أبعد وأعمق من المنطق .
·
قانون التجاذب : هذا القانون ينص على أن العقل قادر على استقطاب أي
شيء يفكر فيه أو بمجرد أن يفكر فيه ويميله نسبة كبيرة من الإهتمام ، ليتحقق على
أرض الواقع وكأنك تراه مسبقا أو وكأنك تتحكم في مستقبلك ، أي بمعنى أن العقل خلافا
لهذا القانون يعمل كمغناطيس قادر على تحويل الأفكار والتخمينات إلى حقيقة ملموسة ،
لكون أن الطاقة البشرية غير محدودة وغير قابلة للحصو ولا تعترف بقوانين الزمان
والمكان ، فأحيانا قد نفكر في المال أو نكون بحاجة ماسة إليه فنجده على الأرض ملقى
، وهذا القانون أنا شخصيا لا أقبله لأن هناك قضاء وقدر وهناك أمور تتحكم فينا
وأمور أخرى أتيحت لنا حرية التحكم فيها ولا نستطيع جلبها بمجرد التفكير فيها ، فجل
الأماني لا تتحقق .
·
قانون الإنعكاس : هذا القانون ينص على أن التأثيرات الخارجية المصدر
تؤثر على عالمنا الداخلي فنبدي ردود فعل تكون متناسبة مع هذا التأثير ، فالإنسان مثلا
إذا تلقى شتائم أو عتاب فإن نفسيته ستتأثر سلبيا ومنه يستطيع أن يبدي ردود فعل مشابهة
، وهذا غير صحيح لأن التجارب الواعية أحيانا تعطي عقلنة مفرطة وحساسية منخفظة ،
تكسبنا مناعة ضض السلبيات فنراها أمور بديهية ليس لها أي تأثير على نفسيتنا .
·
قانون التفكير المتساوي : وينص هذا القانون على أن الأشياء التي نفكر
فيها والتي مبدئيا ستتحقق وفقا لقانون التجاذب ، فإننا سنرى أمور أخرى مشابهة لما
نحن نفكر فيه قبل أن يتحقق بطبيعة الحال ، فمثلا قد أفكر في جلب المال وأرى أو
أسمع عدة مواضيع تشعرني بأنني سأحصل على ذلك المال ، وهذا أيضا قانون غير صائب لأن
مجريات الأحداث تتغير ، وأن الطاقة أو القوى غير قارة وهي متغيرات ، فقد أكون في
مزاج جيد ، فيأتي من يعكر مزاجي في ثانية .
·
قانون المراسلات : هذا القانون ينص على أن العوامل الداخلية للإنسان
هي التي تتحكم في العالم الخارجي ، فإذا تولدت في الإنسان طاقة إيجابية لها معنى أو
تخص شيء معين فإن النظرة إلى العالم الخارجي بخصوص ذلك الشيء ستكون إيجابية ،
وسنرى كل شيء إيجابي والعكس صحيح .
·
قانون التركيز : وينص هذا القانون على أن أي شيء أركز عليه يكون مشابها
تماما لما سأحصل عليه ، فمثلا الأفكار السلبية تولد انطباع وشعور سلبي والعكس صحيح
.
·
قانون التوقع : ويقول هذا القانون بأن أي شيء تتوقع حدوثه ويكون مرفوق
بمشاعر وأحاسيس إقناعية فإنه يحدث ويتحقق ، وهذا القانون يدخل ضمن الغيبيات التي ليست
موكلة للبشر ، فكم مرة نتوقع حدوث أمور سيئة فنجد بأن تخميننا وتوقعنا وحدسنا لم
يكن في محله ، وأننا مخطئون حتما ، ويحجج بعض المرقعون خلافا لهذا القانون على أن
الإنسان يرسل ذبذبات بها طاقة تصطدم وترتد ، لتعود إلينا محملة بمعلومات من نفس
النوع ، وهذا صحيح لاكن لا يمكن للذبذبات أن تصارع الزمن وتنتقل للمستقبل ثم ترتد محملة
بمعلومات تفيد بأنني سأسقط من الطابق الخامس .
·
قانون الإعتماد : وهذا القانون عبارة عن نوع من أنواع البرمجة العقلية
، فتكرار الشيء يبرمج العقل الباطن ، فيؤثر بشكل أتوماتيكي على التصرفات والسلوك
وحتى على النفسية ، لتصير الخرافة حقيقة بمجرد أنها أعيدت قرائتها مرات ومرات ،
ويدخل هذا القانون ضمن نقمة العقل الباطن .
·
قانون التراكم : وينص هذا القانون على أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب
إلى ضظه ، أي بمعنى أن الإنسان إذا أفرط بالتفكير في شيء ما يوما بعد يوم ، فإن
هذا التفكير سيولد لديه تراكم مفرط ، كمثل الذي يفكر في شيء سلبي فتجده أكثر سلبية
يوما عن يوم .
·
قانون العادات : وهو قانون تكميلي لقانون التراكم ، فالإنسان إذا أفرط
بالتفكير في شيء معين فإن هذا الشيء سيتحول إلى عادة ، فيصعب التخلص منها إن كانت
سلبية ، لاكن ليست بمستحيلة إذا أعيدت برمجة العقل الباطن على أساس مناقض لما كان
عليه .
·
قانون السببية : ويعني هذا القانون أن لكل سبب نتيجة ، وأن السبب
مقرون بالنتائج سواء بالسلب أو بالإيجاب ، وما دام السبب يتكرر فسوف نحصل دائما
على نفس النتائج .
·
قانون الإستبدال : وهو قانون يتيح لك حرية استبدال أي قانون من
القوانين السالفة الذكر ، وتعويضها بقوانين أخرى ضمن القائمة ، فقط للبحث عن
الإستقرار النفسي والعاطفي وكذالك التحكم في محيطك الخارجي انطلاقا من القوى التي
يسلطها عقلك الباطن .
_كيف يعمل العقل الباطن :
في كل
يوم نتلقى الكثير من المعلومات عبر شبكة الأعصاب المتصلة بحواسنا الكلاسيكية ، وقد
لا نتذكر من مجريات اليوم وأحداثه سوى خمسة في المئة ، لاكن باقي الأحداث والتجارب
تنقل مباشرة للعقل الباطن ، وتسترجع مع الأحداث المشابهة للتجارب الواعية ، أي
بمعنى أن العقل إذا تعرض لموقف ما ، فإنه يأخذ انطباع حسي ورد فعل موازي للحدث ،
لاكن عند تكرار الحدث في المستقبل يعمل العقل الباطن على توليد ذلك الإنطباع الذي حدث في لك الماضي فيجعلك تتعامل مع الحدث
بحكمة ورزانة ، ما يفيد بأن له دور جوهري في حياة الإنسان الواعية رغما أنه يعمل
دائما في خلفية الوعي ، كما يؤثر على السلوك الواعي وعلى كيفية التعامل مع المحيط
الخارجي بناء على ما سبق ، لذا وجب حظور التجربة الواعية قبل الحديث عن العقل
الباطن أو البرمجة ، أما فيما يخص إرسال رسائل أو التواصل مع العالم الخارجي ، فإن
العقل يهتم بشق التفاصيل ، وهذا البند ليس موضوعنا لليوم ، لاكن نعدكم بأننا
سننقاقشه في أقرب الآجال .
طبعا يشار
إلى العقل الباطن على أنه مسؤول عن عدد كبير من الوضائف العضوية والتي تسمى بدافع
التماثل الساكن ، كالحفاظ على درجة حرارة الجسم ، وتنظيم عملية الشهيق والزفير
والحفاظ على نبضات القلب وعلى معدلات المواد الكيميائية التي تفرزها خلايا الجسم إلخ
، أي بمعنى أنه يحافظ على خلق توازن كبير جدا على مستوى جسم الإنسان وعلى المستوى
العاطفي والنفسي والسلوكي ، لذا يجب دائما العمل على خلق وعي إيجابي والتعامل
بحكمة لخلق سلوكات لاواعية إيجابية ، كما يجب برمجة العقل الباطن على الأمور
الملومسة والمحسوسة .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها