القائمة الرئيسية

الصفحات

 

الإسقاط النجمي

astral projection
الإسقاط النجمي


مقدمة : مرحبا|استوقفتني آية عجيبة من محكم التنزيل لبرهة من الزمن ، وسحبتني في رحلة لأبعاد تتخطى حدود الفهم ، آية لها معاني ودلالات سحيقة في العمق ، قد يلتفت لها البعض وقد لا يستطعمها إلا قلة قليلة من البشر ، كما استوقفني دعاء آخر يترافق مع سياق الآية من سيرة نبينا محمد (ص) ، ويكشف عن البعد الآخر الذي ترمي له الآية الكريمة ، الآية والدعاء وجهان لعملة واحدة ونسختان طبق الأصل يكملان بعضهما البعض : اليقين الأول هو الآية الكريمة رقم 42 من سورة الزمر ، والتي ذكر فيها المولى عز وجل بعد بسم الله الرحمان الرحيم اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون صدق الله العظيم .

كما ورد من دعاء النبي محمد (ص) في الصحيحين : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي (ص) : إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه ، ثم يقول باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ، فإن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين

ما ورد من تجليات في سياق الآية الكريمة ومن دعاء النبي الصديق ، أن الإنسان ككيان مادي واعي مقسم إلى قسمان أساسيان : القسم الأول مادي بينما القسم الآخر روحي ، وأن النفس البشرية تقع طوعا في انفصال جزئي عن الجسد خلال فترات السبات أو النوم ، بينما الموت الفعلي وهو الخروج الطوعي أو الإكراهي من الجسد خروجا كاملا وتجاوز لجدار البرزخ بلا عودة ، مصداقا لقوله تعالى في سورة المؤمنون الآية 99 و 100 《 حَتّى إذا جاءَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ ﴿لَعَلِّي أعْمَلُ صالِحًا فِيما تَرَكْتُ كَلا إنَّها كَلِمَةٌ هو قائِلُها ومِن ورائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ 》، وإمكانية فصل النفس عن الجسد خلال فترات الإسترخاء الكلي قد تتحقق ، وقد تخرج الباطن من الظاهر وتكشف الستار عن بعض الخافايا الميطافيزيقية ، علما أن إجبارية الحفاظ على أكبر نسبة من الوعي اليقضي الظاهر ظرورية وإلزامية .

الإسقاط النجمي أو ال astral projection

عرض : الإسقاط النجمي أو تجربة الخروج من الجسد ، مصطلح حديث تنظوي تحته مسميات عديدة نظرا لتعدد فروعه ، فروع سنناقشها لاحقا ضمن سياق هذا الطرح ، لنكشف لكم المزيد عن هذه الظاهرة الغامضة ، ومن بين هذه المصطلحات أو المسميات الوارد ذكرها في النصوص ، مصطلح الزخرفة أو مصطلح الكشف النجمي أو الرحلة النفسية وكذى المخرج النجمي ، وكل هذه المسميات لا تنظوي تعريفيا تحت لواء هذه الظاهرة أو حقيقتها ، لأن هذه الأسماء بصريح العبارة لا توحي بحقيقة التنقل بين الأبعاد المادية أو الإيثيرية ، والتسمية عبارة عن مصطلح مستحدث صيغ على يد فريديريك دابليو إتش مايرز ، وهو أحد مؤسسي جمعية البحث النفسي

وأما عن الإسقاط النجمي كظاهرة ، فيعزى به الخروج الطوعي من الجسد لعبور العالم الإيثيري أو عالم البعد النجمي ، وتحسبا لبعض أصحاب الإختصاص فإن البعد المناط لهذه الظاهرة وهو البعد الخامس ، أو البعد الذي لا تحكمه قوانين النسبية العامة من طول وعرض وارتفاع وزمان ، وإنما حقيقة هو بعد غير مادي تنظوي تحت لوائه كافة الإتجاهات والأبعاد الأربعة ، أي بعبارة أدق وأقرب للفهم وهو البعد الآخر ، والإسقاط النجمي كثقافة وكممارسات لم تعرف نشأته ولا تاريخه ولا أصوله بعد ، لأنه من المحتمل أن يكون ظهوره كان مواكبا لظهور البشر منذ أن بدأت الخليقة ، وهنا يطرح السؤال الميطافيزيقي المنطقي عن كيفية حدوث ذالك ؟ أو كيف يمكن أن يتحقق الإسقاط النجمي في غياب الإكتشاف العلمي ؟ فهناك عدة أدلة مرجعية تؤكد حدوث هذه الظاهرة بدون سابق إنذار ، أو بدون تحظير أو تمهيد مسبق لرحلة الخروج من الجسد ، وكل هذه التجارب تم توثيقها في بعض المستشفيات الأمريكية ، وخصوصا تلك شهدت قصصا واقعية عن العائدون من الموت ، أو الأشخاص الذين ماتو إكلينيكيا ثم عادوا إلى الحياة ليرووا لنا قصصا عن تجربتهم ، وأمثال هذه الأحداث موجودة وموثقة من أصحابها ، وبظاهر من القول فهناك من عاش التجربة أثناء التأمل أو أثناء الإسترخاء الكلي ، وهناك من عاشها أثناء شلل النوم أو الإعياء المجهد ، وهناك من عاشها تحت تأثير بعض الأدوية المخضرة ، والتي من المحتمل أن تحفز هاجز الإحساس لديهم ، كما أن هناك أبحاث طبية أجريت سنة 2005 أعطت تفسيرا عصبيا لهذه الظاهرة ، وربطت بين تلك التغيرات العصبية وإمكانية حدوث استحظار الوعي البديل والسفر من خلاله ، كما أكدت هذه الأبحاث على أن ما يقارب 100/10 من السكان قد وقعوا في قفص الإسقاط النجمي ، وتشير أبحاث علمية أخرى إلى أن الظاهرة لها ارتباط بالوصل الصدغي الجداري في الدماغ ، لاكن كل ما توصل له العلم مجرد نظريات تخمينية لا أقل ولا أكثر ، كون أن الدماغ عبارة عن كون صغير بداخل كون كبير واحتمال وقوع الخطأ وارد دائما ، لاكن أغلب النظريات المتوصل لها تربط بين العقل والإسقاط النجمي ، ولو أنها تعارض بشدة الآية الكريمة ودعاء النبي الصديق ، إلا أن الظاهرة لا تزال في محك نقاش علمي بين مطرقة وسندان ، كون أن البعض الآخر يقول بأن الإسقاط النجمي انعكاس روحي للواقع ممزوج بالأفكار ، وكلا الأمرين يفندان استنتاجات بعض رجال الدين ، والذين ما فتؤوا يربطون الإسقاط النجمي بالشامانية أو السحر والتنجيم ، ولأن الخرافة كذالك دخلت حيز التنفيذ وأطبقت خيوطها على قصة آصف ابن برخيا ، إذ يحكى أن آصف خادم سيدنا سليمان استعمل الإسقاط النجمي لإحظار عرش بلقيس ملكة سبأ ، وبذالك استطاع أن ينتقل للبعد الخامس ويكسر الحاجز الزماني والمكاني معا ، وهذا ما يعتبره العقل خطأ فادحا ويجب تداركه وإعادة النظر فيه جيدا ، ثم إعادة صياغته من جديد على نحوه الحقيقي ، لأن الجسم النجمي في الأصل أو النفس الغير المادية ، لا تستطيع تحريك الأجسام المادية من مكانها أو حتى إحداث خلل طفيف بها ، فما بالكم بعرش بلقيس ، طبعا هذا يعتبر بطلانا مطلق لصائغي الخرافات وصانعي الوهم ، والظرب في أعراض العلوم الخفية والغامضة ، وليس هذا فقط ، وإنما قصة هذا الرجل التقي الذي لديه علم من الكتاب أخذت اتجاهات أخرى غير ذالك ، فمنهم من قال أنه استعان بإسم الله الأعظم الذي إذا سؤال به استجاب ، وإذا طلب به أعطى ، وهذا بعد روحي جائز ومقبول لدى رجال الدين والمجتمعات الإسلامية ، ومنهم من قال أنه استعان بالإسقاط النجمي ، وبعظهم الآخر قال أنه سلك منافذ في الأرض أشبه بالثقوب الدودية ، ومنهم من قال أن السرعة التي انتقل بها فككت جسمه لأجزاء دقيقة جدا ، ما مكنه من اختراق الأجسام الملموسة كالجدران مثلا ، وهذه نظرية أخرى قد نستدرجها إنشاء الله ضمن إحدى مواضيعنا ، وبالرجوع إلى تاريخ الإسقاط النجمي فهو غير معروف ويرجع لأن يعود لآلاف من السنين الغابرة ، إذ لا توجد مصادر موثوقة قد تفصح لنا عن نشأة هذه الطقوس ومتى اكتشفت ، لاكن هناك بعض الأدلة من الميثيولوجيا المصرية ، التي تؤكد على أن ملوك الفراعنة استعملوا الإسقاط النجمي بمباركة بعض الرهبان ، والذين كانوا يمهدون لخروج النفس من الجسد ويعينونها على التنقل للوجهة التي يرغبون في اكتشافها ، إذ كانت الطقوس تقام في يوم محدد من السنة ، وفي وقت زمني لا يجوز تداركه ، لأنه يعتمد على الأبراج السماوية وعلى الأشعة الصادرة منها ، وإن تم تدارك هذه الفترة فسينتظرون قدوم نفس التوقيت من السنة المقبلة ، هذا اليوم الذي تتساوى فيه أبعاد الهرم الأكبر مع برجين سماويين متعاكسين ، وفي ذات الفترة الزمنية تخترق أشعة هذان البرجان منفذان أعلى الهرم ، إذ يوجد بكل منفذ منهما حجر من الكوارتز يعمل على عكس الضوء الصادر إلى ناووس الفرعون مباشرة ، هذا الناووس الذي يستلقي عليه الملك ليخترق الضوء المنعكس جبهته ، لتبدأ رحلة السفر النجمي ، كل هذه المعلومات وأكثر ستجدونها في كتاب البحث البيوراداري للكاتب علاء الحلبي .

من بين أهم الإختبارات العلمية التي أجريت كتجارب على هذه الظاهرة ، وهي التي أقيمت على رجل يدعى إنغوا دوغلاس سوان سنة 1973 ، بعدما اكتشفت الإستخبارات الأمركية أن الإتحاد السوفياتي صار يمارس نوعا جديدا من التجسس ، يسمى بالتجسس عن بعد ، يعني تكهنات أقرب لمجال يسمى بقنقنة الخرائط ، أو أقرب ما يكون الأمر منطويا على لعبة ويجا ، فأخذت بذالك الداخلية الأمريكية الأمر بمحمل الجد ، وصارت تبحث على أدلة عن هذا النوع من التجسس لتقطع الشك باليقين ، إلى أن ظهر هذا الرجل من العدم ليعطى نظرة شبه تقريبية عن إمكانية التجسس عن بعد ، حيث أقدم العلماء على إحظاره بعدما كان يدعي أنه يمتلك قدرات خارقة للطبيعة ، فطلبوا منه السفر بوعيه إلى كوكب المشتري والإفصاح عن معلومات لم تكن معروفة بعد ، وبعد مضي ثلاث دقائق فقط ولمدة نصف ساعة ، قدم إنغو سوان 65 مقتطف عن كوكب المشتري ، ليتم التحقق من كل هذه الملاحظات بعد مضي 6 سنوات من هذا الإختبار ، عن طريق المسبار الفضائي فيوجير 1 ، فكانت النتائج المتحصل عليها كالتالي : 11 معلومة كلها كانت صحيحة ، لاكن كانت عبارة عن فرضيات مدرجة في كتب علمية متداولة ، ومعلومة واحدة صحيحة لم تكن معروفة من قبل ، و7 معلومات أخرى كلها صحيحة لاكن كانت بديهية ومنطقية ومداعة لدى الأوساط العلمية ، 5 معلومات كانت عبارة عن نظريات غير مؤكدة وقد تكون محتملة ، و 30 معلومة كانت خاطئة تماما ولا أصل لها من الصحة ، بينما 9 معلومات الباقية كانت غامضة تماما وغير قابلة للتأويل حتى .

وبالرجوع إلى الإسقاط النجمي أو ال astral projection فهو ظاهرة لا تقتصر على منهجية واحدة أو سبيل واحد لتحقيقه ، بل وعلى النقيض من ذالك ، فهو جملة من الفروع المختلفة تماما والتي سنتعرف عليها ضمن هذا الطرح :

_الفرع الأول : هو تجربة الخروج من الجسدout of body experiance

طبعا ظاهرة الخروج من الجسد يعزى بها فصل البعد الإيثيري للإنسان عن البعد المادي للجسد ، والغوص به في غياهب العالم الإيثيري ، مع الإبقاء على قدرة التحكم به للرجوع إلى الجسد مرة أخرى ، استنادا إلى خيط فضي رفيع يكون ملازما للجسم النجمي طيلة فترة الرحلة ، وتختلف ردود الفعل والتفاسير بخصوص هذه الظاهرة ، لعدم قدرة المفسرين على إيجاد تعريف واحد جلي للفهم ، أو لعدم قدرتهم على خوض غمار التجربة وطرح تعريف واضح لها ، لاكن غالبا ما يعرف الخروج من الجسد بالمقرر السنوي الذي ينقسم إلى مواد فرعية ، كالإسقاط النجمي مثلا أو اختصار الرؤيا عن بعد أو التجارب القريبة من الموت أو حتى الحلم الواعي ، كما تجدر الإشارة إلى نظرية آخرى قد تكون الأقرب نوعا ما إلى ظاهرة الخروج من الجسد ، ألا وهي قدرة الإنسان النائم على تجميع الطاقة عن طريق الشاكرات وترسيبها في الجسم الإيثيري ما يجعله يتمدد شيء فشيء لينطلق بذالك إلى البعد النجمي .

_الفرع الثاني : الأحلام الجلية lucid dreaming

الأحلام الجلية أو الحلم الصافي عبارة عن أحلام أشبه باليقضة ، إذ يكون صاحبها في حالة وعي كامل أو حالة يقظة نسبية ، إذ يستطيع من خلالها تغيير مجريات الأحداث خلال النوم والتحكم بالقرارات والشخصيات كيفما يشاء ، كما أنه يكون على دراية كاملة بأنه يعيش أحلام افتراضية فقط ، وكأنه يلعب لعبة ويحاول من خلالها اجتياز كافة المهام بدون خطأ ، وترجح الدراسات نشوب هذه الحالة إلى وجود نشاط عال بتردد ألفا في الفص الجداري من الدماغ

_الفرع الثالث : التخاطر telepathy :

وهو مصطلح تمت صياغته على يد فريديريك مايرز سنة 1882 ، ويقصد به نقل معلومات من شخص لآخر لاسلكيا ، فقط اعتمادا على قدرات العقل الباراسيكولوجية أو قدرات العقل الخارقة ، وهذا تقريبا يحاكي ما سجلته الإستخبارات الأمريكية خلال الحرب الباردة  مع روسيا ، إذ يعتبر هذا الشق من الإسقاط النجمي حالة لربما سمعتم بها في مرحلة عمرية ما ، إذ كنا نسمع بأن مجريات الأحلام التي ترد فيها شخصيات مختلفة ، تكون عبارة عن حلم مشترك بين كل تلك الشخصيات ، وكأنهم يعيشون الواقع معا في حلم واحد

_الفرع الرابع : الرؤية عن بعد

طبعا الرؤية عن بعد أو الجلاء البصري وهو قدرة الإنسان على خلق صلة إيثيرية بأحداث بعيدة تحدث في الواقع أو قد تحدث كتكهناك بصرية ، مثل قصة العرافة بابا فانجا و إنغو سوان

خاتمة : بهذه العبارات نكون قد انتهينا من طرحنا هذا ، ووصلنا لختام الجزئ الأول من الإسقاط النجمي ، كما يمكنكم مشاركتنا بآرائكم وردود فعلكم عن هذا الموضوع ، تمهيدا لطرح آخر سأجزئ لكم فيه فترة عمرية عشت خلالها الإسقاط النجمي

 

 

 

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات