أساسيات الإستشعار وعلاقة التشابك الكمي بالتخاطر
مرحبا : حديثنا لليوم سيأخذنا إلى عالم الكم وعالم الإيثر ، كما سينقلنا في جولة معقمة لغور غوازي هذا المصطلح اللاتيني الذي يناط به الكمية ، وانطلاقا من هذا العالم المليء بالغموض والخوف عن بعد كما جاء على لسان ألبيرت إنشتاين ، سنكشف لكم عن مدى صلة القرابة بين عالم الكم أو بين التشابك الكمي والتخاطر ، كما سنكشف لكم عن مدى جهل ثلة كبيرة من المقنقنين في توضيف هذا الإسم .
ظهر ألبيرت إنشتاين في القرن الماضي بنظرية النسبية العامة وتحديدا سنة 1915 ، وأثبت للعالم خلالها بأن الإنسان ليست له القدرة الكاملة على تخطي قوانين الطبيعة أو حتى التلاعب بها ، هذه النظرية التي غيرت من مجريات الأحداث وتبنت نظرة جديدة للعالم غير تلك التي كنا نعرفها أيام نيوتن ، وخلافا لهذه النظرية أثبت إنشتاين أن سرعة الضوء هي أقصى سرعة في الكون وهي أحد أعظم قوانين الطبيعة ، لذا لا يمكن للجنس البشري تخطي هذه السرعة المهولة والتي تقدر ب 300.000 كيلومتر في الثانية ، لأن هذه السرعة كفيلة بتوقف عداد الزمن ، باعتبارها النقطة المحورية الفاصلة بين الماضي والحاضر والمستقبل ، وأن أية وسيلة مصممة لهذا الغرض ستتفكك إلى أجزاء قبل بلوغ هذه السرعة ، كما أثبت إنشتاين كذالك أن الكون شيء مخطط ومدروس ولا وجود لمصطلح العبثية فيه من خلال مقولته الشهير ، إن الله لا يلعب بالنرد ، لاكن ما لم يكن في حسبان إنشتاين وهو ظهور علماء آخرون سيفتحون فرع جديد في علم الفيزياء إسمه ميكانيك الكم كنيلز بور وإروين شرودنجر ، هذا العلم الذي يختص بدراسة الجسيمات المتناهية الصغر والأجسام الدقيقة ، أثبت عكس ما كان يروج في ذهن ألبيرت إنشتاين ، وأثبت بأن الكون في الحقيقة فوضوي بالمعنى الحرفي لأنه يعتمد على قانون الإحتمالات وليس العكس ، فبعدما ظهر العالم إروين شودنجر للعالم جاء بمثال بسيط جدا عن هذا القانون ، ليعطي من خلاله تصور مغاير تماما عن ما جاء به تفسير كوبنهاغن ، هذا المثال الذي صار معروف لدى العامة بقطة شرودنجر ، والتي يقول من خلالها ، لو وضعنا قطة بداخل صندوق ووضعنا بداخل الصندوق عداد غايغر ، هذا العداد له قدرة على رصد الإشعاعات ، ثم وضعنا بجانب العداد قارورة بها سم سيانيد ، ثم أطلقنا ذرة متفككة بداخل الصندوق ، بحيث أن من شأن هذه الذرة أن تحرر جسيما باتجاه العداد ، فإن تحرر الجسيم والتقط إشارته العداد فسيحرر مباشرة سم السيانيد ومنه فإن القطة سوف تموت ، إذن عند غلق الصندوق فإن الذرة المتفككة تكون عبارة عن دالة باحتمال 50/100 ، أي بمعنى أن الذرة احتمال أن تحرر جسيما واحتمال كذالك أن لا تحرره ، ومنه فإن القطة قد تكون في كلتا الإحتمالين إما حية أو ميتة ، ولا يمكن التنبئ بكونها في كلتا الحالتين إلا بعد فتح الصندوق ، أي بمعنى أن القطة ما دام الصندوق مغلق فهي حية وميتة في نفس الوقت ، وهذا المثال هو أقرب تفسير لما يحدث في العالم الكمي ، بحيث أن الجسيم الكمي لا يمكن التنبئ بموقعه وسرعته إلا بعد أن تتم مراقبته ورصده ، لاكن قبل أن تتم عملية الرصد فإن هذا الجسيم يكون في جل الأماكن ويدور في كافة الإتجاهات في آن واحد ، أي أنه يغذي كافة الإحتمالات الممكنة قبل عملية الرصد ، ولتقريبكم أكثر لفهم المزيد عن نظرية التشابك الكمي ، سنعطيكم مثالا بسيطا عن ذالك ، فلو أحظرنا صندوقان ووضعنا بكل واحد منهما كرة ، الصندوق الأول سنضع به كرة بيضاء والثاني به كرة سوداء ، ثم أحضرنا أحد متابعينا وقلنا له بأن هذان الصندوقان بداخل كل واحد منهما كرة ، بحيث أن ألوان الكرات الموجودة لدينا واحدة سوداء والثانية بيضان ، ثم قلنا له افتح أحد هذه الصناديق ، فلما فتح الصندوق الأول وجد بداخله الكرة البيضاء ، هنا سيعرف أتوماتيكيا بأن الصندوق الثاني يحتوي بداخله على الكرة السوداء ، يعني أمر بديهي وعقلانية في نفس الوقت ، إذن ماذا تقول نظرية التشابك الكمي ،؟ تقول نظرية التشابك الكمي بأن الصندوقان قبل فتحهما فهما لا يضمان كرة سوداء وكرة بيضاء ، بل يضمان كرتان من مزيج اللون الأبيص والأسود ، أي بمعنى أن كل صندوق يضم كرة باللون الرمادي ، لاكن إن تم فتح أحد الصناديق ليتم رصد ما بداخله هنا ستأخذ كل كرة لونها ، أي أن اللون الرمادي سيتلاشى وسيصير أسود ، ومنه فإن هذه الكرة السوداء سترسل رسالة للكرة الثانية بداخل الصندوق الثاني بسرعة لحظية أسرع من سرعة الضوء ، تقول من خلال هذه الرسالة بأنها تعرضت للرصد وأخذت اللون الأسود ، ومنه فإن الكرة الثانية ستستجيب للرسالة مباشرة وستغير لونها من اللون الرمادي إلى اللون الأبيض ، إذن ما يحدث على المستوى الكمي هو كذالك يكفي أن تكون هذه الجسيمات متشابكة فيما بينها ، إذ تقول النظرية بأن هذا التشابك قد ينتج إثر اصطدام جسيمان أو قد ينتح إثر قرب المسافة بينهما أو إتصالهما ببعض ، هنا تكون عملية إرسال واستقبال البيانات بسرعة تتخطى سرعة الضوء بما لا نهاية ، وهنا سنظرب مثالا عن ذالك ، فلو أحضرنا إلكترونان متشابكان مع بعضهما البعض ووضعنا أحدهما على كوكب المريخ والثاني على كوكب المشتري ، وافترضنا بأن الإلكترونات لها خاصية دوران مع عقارب الساعة أو عكس عقارب الساعة ، فإن كلا الإلكترونان المتشابكان يدوران مع عقارب الساعة وعكس عقارب الساعة في نفس الوقت ، فإن تم رصد الإلكترون الذي على كوكب المشتري فإنه سيأخد خاصية دوران واحدة مع عقارب الساعة ، ومنه فإنه سيرسل رسالة للإلكترون الذي على كوكب المريخ ويخبره بأنه قد تعرض للرصد وأنه أخذ خاصية دوران مع عقارب الساعة ، ولحضيا فإن إلكترون المريخ سيغر من دورانه وسيدور بعكس عقارب الساعة ، أي بمعنى أن سرعة انتقال المعلومة أو الإشارة تفوق سرعة الضوء بنسبة خيالية ، وطبقا لنظرية التشابك الكمي فإن سرعة الضوء لا تقارن بسرعة هذا التشفير الكمي ، لاكن هذه النظرية بما أنها جائت بشيء يتعارض مع مبدأ السببية في النسبية العامة ، فهذا يعني أن المجتمع العلمي الذي يدعم النسبية بما فيهم إنشتاين سيحدث بينهم وبين علماء الكم اصطدام بما فيهم نيلز بور وشرودنجر ، وإنشتاين بعد ظهور هذه الطفرة العلمية كان شبه مؤمن بنظرية التشابك الكمي لاكن كان عاجزا عن إبداء تقويم علمي عن هذه الظاهرة بالرغم من كونها تتعارض مع نظرية النسبية ، فسماها في ما بعد بالحدث المخيف عن بعد ، وفي ظل الشد والمد الذي دام لسنين طويلة بين داعمي هذه النظرية ومعارضيها ، ظهر عالم إسمه جون ستيوارت بيل قدم مقترح علمي تجريبي قادر على فض الخناق بين العلماء وسماه على إسمه بيلز إينكواليتي bell’s inequality ، حيث اقترح بيلز تجربة لقياس دوران الإلكترونات في اتجاهات مختلفة ، فإذا كان إنشتاين على حق وكانت للجسيمات خصائص معينة ومحددة هي التي تثبت حدوث هذه الظاهرة ، فإنه عند تغيير دوران الإلكترونات فلن يؤثر هذا على نتائج التجربة ، وأما إن كان شرودنجر ونيلز بور على حق فإن خصائص دوران هذه الإلكترونات ستحدث بشكل تلقائ وعشوائي ، ولسنين طويلة كانت المعدات والأجهزة المتوفرة غير قادرة على القيام بهذه التجربة ، ليبقى الشد والمد بين العلماء مستمر إلى غاية 1972 ، حيث أقدم أول فائز بجائزة نوبل لسنة 2022 على القيام بتجربة جون بيل ستيوارت على الجسيمات الكمية ، هذا العالم هو الأمريكي جون كلاوزر والذي كان يراهن على أن نظرية إنشتاين أضمن وأوثق من نظرية نيلز بور وشرودنجر ، لاكن بعدما قام بتجربة جون بيل ستيوارت اكتشف على أن ميكانيك الكم هي صاحبة النظرية الصحيحة وأن إنشتاين كان مخطئ تماما ، لاكن نظرة بعض العلماء الداعمين للنسبية العامة كانت سلبية تماما ، لربما كانت هناك بعض الأخطاء الغير المتعمدة أثناء التجربة فأثرت على مجريات التجربة تماما ، فكان من الجلي القيام بتجربة أخرى تثبت مرة أخرى صحة نظرية علماء الكم ، لتتم إعادة هذه التجربة سنة 1982 من طرف الفائز الثاني بجائزة نوبل للفيزياء سنة 2022 ، وهو العالم الفرنسي آلن أسبيكت ، حيث أقدم هذا العالم على إعادة التجربة مرة أخرى بدون أي تدخل بشري ، ليتم الإفصاح مرة أخرى على أن علماء الكم هم أصحاب النظرية الصحيحة ، وفي سنة 2017 قام العالم النمساوي أنطون زيلنجر بالتجربة الثالثة لقطع الشك باليقين ، وهو الفائز الثالث بجائزة نوبل للفيزياء لسنة 2022 ، حيث أسفرت نتائج تجربته على أن التشابك الكمي حقيقة ملموسة يجب الإقرار بها ، وبهذا دخل فيزياء الكم في حقبة جديدة ستغير من مجريات الأحداث خلال المئوية القادمة ، وستغير من مجريات التكنولوجيا الحالية بظهور ما يسمى بالحاسوب الكمي والحوسبة الكمية ، والتي ستعمل على تسريع معالجة أجهزة الكمبيوتر الكمومية .
الآن وبعدما فهمنا معنى التشابك الكمي وكيف له أن يتم ، ستنتقل مباشرة للخطوة الموالية كي نفهم معنى التخاطر ، والتخاطر كتعريف هو مصطلح صاغه دكتور فيزيائي في جمعية البحث النفسي يدعى فريدريك وليام هنري مايرز سنة 1882 ، ويقصد به نوع من الممارسات التأملية لإرسال رسائل ذهنية من شخص إلى آخر ، وهو عبارة عن مسعى علمي محظ حظي باهتمام كبير جدا من طرف العلماء قصد تحقيقه لغرض معين ، ولتمويه المجتمعات المدنية عن هذه العلوم السرية ، تم نفيه مطلقا من طرف المجتمع العلمي ليوثق فقط في بعض أفلام الخيال العلمي ، والتخاطر حقيقة جزئ من الإدراك الحسي لدينا وظاهرة تتحقق مع ثلة كبيرة من الأشخاص تعرف باسم الخواطر ، هذه الخواطر عبارة عن رسالة أو عدة رسائل مستقصدة من طرف إلى طرف آخر ، يكفي أن تجمع بين كلا الطرفين معرفة مسبقة ، كي لا تتوه الرسالة من المرسل إلى العدم ، والتشابك الكمي كي يتحقق لا بد من أن يحدث هنالك تشابك قبل عملية الإرسال ، هذا التشابك هو الذي يولد تلك المعرفة المسبقة بين المرسل والمرسل إليه ، والتخاطر نفسه كي يكون ناجح يستوفي أن تكون الرسالة مستقصدة ، فلا يجوز نسج صفة من صميم الخيال والتخاطر معها ، لأن العقل كما قلنا في شروحات سابقة ، أنه عندما يقع قاب قوسين أو أدنى يعطيك احتمالات ضمنية ، قد تكون موجودة أو قد تكون غير موجودة ، والتخاطر لا يعترف بقانون الإحتمالات ، فإما أن تسبقه معرفة مسبقة أو لن يكون هنالك تخاطر .
إذن كي نمارس هذه التقنية يجب أن يكون هناك سجل مدرج في العقل بجل تفاصيل المرسل إليه ، والمرسل إليه في الطبيعة شيء مجهول وغير متوقع ، إذن كيف سنرسل بيانات ونستلم أخرى في غياب تماس مادي أو معرفة مسبقة ، هناك من سيقول مثلا بأن الذهب أو الفخار أو الفضة أشياء معروفة ، نعم هي أشياء معروفة لاكن تتشكل على هيئات مختلفة ، فالذهب قد يكون على هيئة عملات أو حلي أو أواني ، وقد يحمل زخرفات ونقوش وأبعاد معينة ، بحيث أن كل هذه التفاصيل والمعطيات يبنى عليها التخاطر أو الطيليباتي ، وأما أن نمارس هذه التقنية متجاهلين لجل هذه الصفات فلن تنجح العملية ، والتخاطر حقيقة إرسال رسائل واستلام أخرى ، أي أن الطرف المرسل إليه يجب أن يكون عاقل وواعي كي يحلل الرسالة ويستوعبها ، في حين يستطيع كذالك الرد على رسالتك والتفاعل معها ، وأما أن نبني صلة تخاطرية مع معادن وفراغات وعظام وأشياء غير عاقلة فهذا يعتبر بهتان مبين ، ما جاء به أحد من قبل ولا من بعد ، وخلاصة القول أن التخاطر شيء والإستشعار شيء آخر ، وأن كل من يقرن التخاطر بالإستشعار يجب أن يعيد النظر في تعاريف هذه المصطلحات ، لأن صلة القرابة بين المسميين تكمن في جوهر العقل لا أقل ولا أكثر ، والإستشعار هو تحسس مكان الإشارة وفلترتها بدقة بعد عقد نية البحث وتضمين جل المعلومات في سجل واحد ، لأن الإشارة لا تحتاج لطريقة تواصل معينة كونها موجودة أصلا ، وكون أن الباحث يكون خاضع لهذا التأثير مسبقا ، يكفيه فقط ضبط الموقع بدقة وعزل كل الإشارات الشائبة من حوله ، لرصد تلك الإشارة التي تم تضمينها مسبقا ، وإن كانت الإشارة غير واضحة بالرغم من السجل المدرج في العقل والمرفوق بتركيز انتقائي عالي جدا ، فإن العقل يعطيك احتمالات فقط
أحبابي المحترمين بهذا نكون قد وصلنا بكم لنهاية هذه الجزئية نضرب لكم موعد جديد إنشاء الله في حلقة قادمة
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها