القائمة الرئيسية

الصفحات

 

علاقة النفس بالإستشعار

علم الإستشعار
الإستشعار


مرحبا : أحيانا وفي نظرة تأمل عميقة جدا ، نجالس أنفسنا ونلقي بناظرنا نحو مد البصر ، فيخالجنا شعور يمتزجه الفضول بالرغبة في تخطي الأفق ، لاكن مع الأسف قدرتنا المادية محدودة جدا تعجز عن خرق قوانين الطبيعة ، فنتسائل في حسرة عن وسيلة أخرى ملحة كفيلة ببلوغ الآفاق ، فلا نجد مع الأسف إجابات واضحة لإلحاحنا هذا ليعود البصر إلينا وهو كليل ، ثم نغوص بداخل أنفسنا مرة أخرى في نظرة تأمل باطنية متجاهلين الأفق ، لنرى رؤية نمطية واضحة جدا كان ولا يزال يعجز عنها البصر ، فنتسائل عن سبب ازدواجية الرؤيا تلك ، ومن أين أتت ومن كان السبب ورائها ، وهل الرؤيا توازي البصر من حيث الإصطلاح والبعد ، أم هنالك فروقات شاسعة بين هذا وذاك ، وفي حالة ما إن كان هنالك فرق بين المادي واللامادي فمن الذي كان يختلس السمع والأبصار خلف أعيننا وآذاننا ؟ هذا السؤال تحديدا سيسوقنا بعيدا لجوب أغوار أنفسنا ومعرفة ماهية من نكون .

والإنسان في بعده الثلاثي مزيج من أربع عناصر أساسية ومهمة جدا ، يجب علينا معرفتها ومراعاتها جيدا للخوض في عوالم من نكون  ، هذه العناصر الأربعة التي تتلخص في الجسد والروح والنفس والعقل .

الجسم عبارة عن كتلة متنوعة من الأعضاء والعضلات والأنسجة والخلايا والعظام ، إذ تتمحور جل هذه المنظومة ضمن ست عناصر كيميائية مهمة جدا تشكل ما نسبته 99/100 من هذه البنية ككل وهي : الأكسيجين، الكاربون،الهيدروجين،النيتروجين، الكالسيوم والفوسفور ، بينما 0,85/100 فتتوزع على خمسة عناصر كيميائية أخرى وهي: البوتاسيوم،الكبريت،الصوديوم،الكلور والمغنيزيوم وأما النسبة المتبقية فتتمثل في بعض العناصر النزرة .

نأتي إلى الروح كتعريف بسيط وهي بمثابة الوقود الأحفوري الذي يضمن استمرارية الحياة ، ويضخ الطاقة في جسم الإنسان ، وهي متلازمة ذات علاقة طردية بالطاقة الكامنة ، فكل ما كانت طاقة الإنسان أقوى كانت روحه كذالك ، وكل ما كانت طاقة الجسد ضعيفة كانت الروح ضعيفة أيضا ، لأن فناء الجسد قرين بخروج الروح ، والموت هو بلوغ الجسم إلى أسمى مراتب الضعف ، وأما عن النفس والعقل فهما مزيج مدمج من الوعي الفائق ، أو عنصران تجمعهم صلة قرابة وثيقة جدا من حيث الوضائف والقدرة ، إذ يمكن تسميتة هذا المزيج المترابط بالنفس الواعية ، وهو مركب لا مادي ولا محسوس  يصاحب الجسم البشري بشكل مؤقت وليس بشكل مستمر ، لقوله سبحانه وتعالى في سورة الزمر الآية 42 بسم الله الرحمان الرحيم - الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموتٓ ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذالك لآيات لقوم يتفكرون ، هنا نستنتج ونستخلص بأن الله سبحانه وتعالى يتوفى النفوس الحية في فترات النوم ، أو في الفترات التي تصاحب الإرهاق الذهني والجسدي ، لأن جسم الإنسان يحتاج لفترات راحة عند بلوغه ذروة الإعياء ، هنا تتحرر النفس والوعي والإدراك وكل شيء ، ليتولى الدماغ وضيفة تسير الأعضاء الجسدية بشكل تلقائي ، وهذه النقطة تكلم فيها أبرز علماء النفس ككارل غوستاف يونغ وسيغموند فرويد وغيرهم ، لكون أن الدماغ يرسل حينها موجات عالية التردد كفيلة بإقامة برمجة ما يسمى بالعقل الباطن بالإضافة إلى خاصية التكرار ، هنا يرسل الدماغ موجات ألفا بتردد يقارب 12 هيرتز ، ولو أن هذه القيمة ضعيفة جدا وغير قادرة على بلوغ مسافات كبيرة جدا ، إلا أننا نؤمن بأن قنقنة الخرائط لا تعترف بالمسابقات ولا تعترف بالزمان والمكان ، وهذا دليل آخر يكذب أساطير الباطنيين أو أصحاب العقل الباطن ذوي الإحساس المرهف ، لأن النفس هي الوحيدة القادرة على بلوغ ملكوت الله والقادرة على جوب العوالم الأخرى في تجارب الإسقاط النجمي ، وبالعودة إلى العقل فإنه يكون على اتصال مباشر بالدماغ ليلا عبر إرسال نطاقات من الطاقة تتمثل في بعض الرؤى والأحلام ، والعقل في الحقيقة قدرة لا تموت ولا تنعدم فهي دائما موجودة ومدركة لمن حولها ، وهي قرينة النفس في كل شيء ، مثلها كمثل الدماغ والجسد ، وكدليل على صحة القول فإن الإنسان عندما ينتقل إلى عالم البرزخ فلا يعتبر موته عدميا بل نقلة نوعية في الصفة ، أي نقلة من هيئة المادة إلى هيئة الإيثر ، بحيث أن في ظل رحلته هذه يكون مدركا وواعيا بكل ما يراه ويدركه في العالم الآخر ، وهنا سنستحظر الآية 46 من سورة غافر إذ يقول سبحانه وتعالى بسم الله الرحمان الرحيم النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشذ العذاب صدق الله العظيم ، إذن من خلال هذه الآية الكريمة ما الفائدة من هذا العرض إن لم يكن هنالك إدراك ووعي ، وما الفائدة من هذه المرائي التي تساور الموتى ، لاكن ما دام هناك عرض لنار جهنم على آل فرعون ، فهناك قرائة واعية لهول تلك المشاهد ، وهناك إدراك ووعي ، إذن خلال هذه الفترات التي تنفصل فيها النفس عن الجسد تضل محتفظة بوعيها وإدراكها النسبي وأحيانا الكامل ، لتتأصل بعدها الأحلام والرؤى التي نراها في المنام ، فتأتينا أحيانا بشكل واضح وأحيانا أغرى غير واضحة ومبهمة ، والنفس الواعية لها صفة أخرى أو ميزة أخرى نستطيع تسميتها بمركز الشعور الداخلي عند الإنسان ، وهو الذي يحدد القرارات والنوايا والأفكار ، لأن الإنسان مبدئيا يعيش في عالم من الأحاسيس والإنطباعات اللامتناهية ، وأي رد فعل صادر يكون مرفوق بشعور ، فمثلا عندما نتكلم إلى شخص فإننا نعبر عن شعور داخلي يساورنا ، سواء شعور سلبي أو إيجابي أو محايد ، وكدليل على ذالك سنستحظر بعض الآيات القرآنية التي تثبت بأن النفس لها صلة بالشعور الداخلي ، إذ يقول سبحانه وتعالى في سورة آل عمران الآية 185 : بسم الله الرحمان الرحيم كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور (ص) ، ومنه فإننا نستسقي من كلمة ذائقة الموت أنها تشعر بسكرات الموت وأنها تعذب في تلك اللحظات الحرجة ، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الفجر الآية 26 : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ، وهنا الإطمئنان والرضى يقصد به راحة النفس ، وراحة النفس عبارة عن شعور داخلي إيجابي ، كما يقسم سبحانه وتعالى بالنفس اللوامة قائلا ولا أقسم بالنفس اللوامة ، وحرف لا للتوكيد ، ولوم النفس يولد شعور ذا أعراض سلبية على جسم الإنسان ، وقد ينتج عنه انطباعات وردود فعل سيئة جدا ، كما أن هناك آيات كثيرة عن النفس تؤكد علاقتها بالشعور الداخلي وهي التي تأمر وتنهى وتدبر وتقرر ، وهي المسؤولة عن الخير والشر لقوله سبحانه وتعالى في سورة الشمس الآية 8 : فألهمها فجورها وتقواها ، وقوله سبحانه وتعالى في سورة النحل الآية 111 : يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون ، أي أن النفس هي المسؤولة عن كل شيء وهي المدعوة للحساب يوم القيامة ، ويؤكد ذالك المولى عز وجل في سورة الإنفطار الآية 19 بقوله سبحانه وتعالى : يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ، وآيات حساب النفس كثيرة جدا في القرآن الكريم سنستحظر بعضها في ختام هذا الطرح .

إذن بالعودة إلى ما بدأنا به في مقدمة هذا الموضوع نستنتج بأن النفس الواعية هي التي تختلس النظر والسمع خلف أعضائك ، وهي المسؤولة عن الجسد جملة وتفصيلا ، وهي من يدير جل أمورك الحياتية سواء في الخير أو الشر ، وهي الحدس الذي ينبئك بقدوم الخطر ، وهي التي تأمرك برفع السيخ وتوجهك بحسب إرادتها ورغبتها ، فأنت مجرد جهاز لا يعي ولا يعقل ، حتى الدماغ البشري في بعض الأحيان يصطلح عليه بالعضو الغبي ، لأنه مجرد عضو ناقل ومستقبل للإشارات وليس هو من يدبر أو يقرر ، إذن أنت هو النفس ونفسك هي جوهرك وهي من يؤتى الحكمة والفراسة وهي من يتحمل أوزارك ، ومنه لا زلنا نؤكد للعالم بأن العقل الباطن بحسب المزاعم ما هو إلا تجارب حياتية أو ذاكرة لا أقل ولا أكثر ، وأنه إلى حدود الساعة أخذ قيمة مضافة لم ولن تكون في متناوله ، وأن البحث عن طريق الإستشعار يحتاج إلى تركيز انتقائي وإلى وعي كامل وإلى حظور كلي ، ولا يجوز استخدام العقل الباطن في حالة الشروذ الذهني أو القيادة التلقائية لأن البحث لا يؤتى بهذه المنهجية ، بل وجب عليك الحظور الآني واستحظار قوام العقل والنفس بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، وصدقوني إن قلت لكم بأن الأهداف إذا وضفت النفس بشكل صحيح ستصير محسوسة ومرئية أيضا ، وستمتلكون القدرة على إدراك العوالم الخفية بشكل تلقائي .

الآن سنستحظر بعض الآيات القرآنية التي وجب التأمل فيها جيدا لمعرفة من نكون ، آملين من المولى عز وجل الإخلاص والوفاء لهذا العلم .

يقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة الآية 105 : يا أيها الذين آمنو عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون .

يقول سبحانه وتعالى في سورة الحشر الآية 19 و 18 : يا أيها الذين آمنو اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ، ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون .

ويقول سبحانه وتعالى في سورة النازعات الآية 41,40 : وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ، إذن كيف ستنهى هذه النفس إن كانت منفصلة عن العقل ، فلا بد من توفر وحدة العقل كميزان ضبط لاستقامة النفس .

يقول تعالى في سورة الإسراء الآية 14 :اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا

ويقول سبحانه وتعالى في سورة القيامة الآية 14 و 15 : بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره .

أحبابي لكم أن تتدبرو وأن تتأملوا في هذه الآيات الكريمة لمعرفة من نكون ، فالنفس هي أنت وهي الوكيلة على جل مراحل حياتك ، بما فيها الإستشعار .

إلى هنا نكون قد بلغنا ختام هذه الحلقة لكم مني كل الحب والتقدير وإلى لقاء آخر بحوله تبارك وتعالى .

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات