العوالم المتوازية
بسم الله الرحمان
الرحيم
_مقدمة:مرحبا|عندما نتأمل قدرة الله في خلق الكون ، ونلقي بناظرنا نحو الآفاق المظلمة لبدايات الخليقة ، نوقن عن يقين مطلق أن للعلم آفاقا وفروعا لا منتهية ، وأن الإعجاز الإلاهي في خلائقه بصيغة الجمع ، حقيقة لا تقبل التأويل ، ومهما تطاول جنسنا البشري في فهم الكون ، فلن ينال سوى مرتبة الكائن الفضولي الجهول ، وكمقدمة نفتتح بها هذا الطرح ، لا يسعنا سوى الدخول في فرضية الأكوان المتوازية ، أو نظرية العوالم المتوازية ، هذه النظرية التي جاء بها شاب إسمه هيو إيفيرت سنة 1954 , بعدما كان مرشح لنيل شهادة الدكتوراه في جامعة بيرنسيتون ، قصد الإجابة عن طرح تساؤل معقد جدا في فيزياء الكم ، وهو لماذا الأجسام الكمية تتصرف بشكل غير منتظم ؟ أو نستطيع القول أن الأجسام الكمية تتصرف بشكل عشوائي وغير منتظم ، هنا ظهرت فرضية العوالم المتوازية ، وأخذت تفرعات كثيرة في علم الكونيات وفي علم الفيزياء والفلسفة وعلوم اللاهوت وحتى الرياضيات ، والمقصود بالعوالم المتوازية ، وهو وجوب وجود أكثر من كون واحد يغذي مختلف الإحتمالات الممكنة ، أي بعبارة صريحة نستطيع القول ، فرضية من فرضيات الإحتمالات الرياضية ، مدمجة مع بعض من نظريات الكم في علم الكونيات .
الأكوان المتوازية
_عرض:من الملاحظ أن جميع أشكال الحياة مركبة
من عناصر جمة ، ولا يجوز القول في فيزياء الكم أو فيزياء ما تحت الكم ، أن الأحجام
لها بداية ولها نهاية ، وكل عنصر مادي ظاهر ، عبارة عن مركب من عناصر مجهرية دقيقة
، تتحكم في شكله الظاهر بجميع صفاته وتجلياته ، وعلى سبيل المثال نستطيع استحضار
الحمض النووي العضوي للكائنات الحية ، أو بعض الخصائص الكيميائية لبعض البلورات في
الطبيعة ، والتي تعد صاحبة الأفضلية في التحكم بالشكل الهندسي لنظام البلورة الخارجي
، هذا التناسق يفضي بنا إلى فرضية أن هذا الكون احتمال أن يكون مجرد مركب من
مركبات عنصر خارجي ، ضمن هذا الوجود الفسيح واللامتناهي ، باعتبار أن هذا النسق من
التركيب يكون مكرر بانتظام تام ، أي أن الفرضية تفضي بنا لاحتمال وجود أكوان
متعددة ، غير هذا الكون الذي نعرفه الآن ، لاكن ما تتناقله المراجع له أبعاد
وزوايا منطقية ، وأخرى غير قابلة للفهم ، خلافا لما جائت به نظرية الأوتار الفائقة
، وأيضا ما توصل له الدكتور هيو إيفيرت ، وهنا تظهر بعض التناقضات التي لا
تزال طي الغموض ، ولا توجد لها تفاسير وأدلة تقطع الشك باليقين ، ونظرا لشساعة هذا
الكون الجبار الذي ولد قبل 13,8 مليار سنة ، فمن المنطقي تقبل التناقض في تشعبات
هذه النظرية ، وكون كذالك أن أقصى مدى يستطيع الإنسان رصده في هذا الكون الفسيح ، أو
ما توصل له العلم في الرصد الفلكي ، لا يتخطى ما مقداره 14 مليار سنة ضوئية ، أي
أن جل الإحتمالات قد تكون واردة أو قد تكون خاطئة ، ونظرا لضعف الأدلة فلا وجود
للمطلق أو لليقين .
أول ظهور للفرضية
ظهرت هذه الفرضية كما أسلفنا لكم سنة 1954 ،
على يد مرشح لنيل شهادة الدكتوراه بجامعة برنسيتون ، واسمه هيو إيفيرت ، هذا المرشح كان مقدم على حل تساؤل
صعب جدا ، كان له الفضل والسبب في ظهور طفرة جديد بعلوم الكم ، وكان التساؤل له
صلة بالأجسام الكمية وعلاقتها بالعشوائية ، أو لماذا تتصرف هذه الأجسام تصرف غير
منظبط ، وهنا وكأول مصطلح للعشوائية ، نلتمس أول تناقض مع إبداع الله لخلقه ، ومع
قوله سبحانه وتعالي في سورة الرحمان الآية 7《والسماء رفعها ووضع الميزان》، أي وضع جلاله قوانين تتماشى
بميزان ظبط دقيق جدا لا يقبل الإختلال أو الخلل ، وكتعريف بسيط جدا عن مصطلح فيزياء الكم ، كي نستطيع مسايرة وفهم الموضوع
بشكل دقيق جدا ، فهو عبارة عن نوع من الفيزياء الحديثة ، والذي ظهر سنة 1900 ، على
يد العالم الفيزيائي ماكس بلانك ، بعدما طرح هذا المفهوم لأول مرة
على المجتمع العلمي ، وقدم دراسات عن الإشعاع تتناقض مع بعض قوانين الفيزياء
الكلاسيكية .
وفيزياء
الكم أو الفيقياء هو علم يهتم بدراسة عالم الظواهر
الفائقة الصغر ، كالذرات والجسيمات دون الذرية ، أي أنه فرع من فروع الفيزياء
الحديثة التي تولي اهتمام كبير جدا بالعناصر المتناهية الصغر ، وخلافا لكل علماء
الكم والمقدمين على رصد هذا العالم المتناهي الصغر ، تم اكتشاف أن هذه العناصر أو
الجسيمات تتخذ أشكال عشوائية واعتباطية غير منتظمة ، فعلى سبيل المثال جسيم الفوتون أو مركبات الضوء المرئي بعبارة
بسيطة ، يتخذ أحيانا صفة الجسيم المشع ، وأحيانا أخرى صفة الأمواج ، ولو أن المتفق
عليه هو اتخاذ الفوتون لكلا الحالتان في نفس الوقت ، إلا أن نظرية الأوتار الفائقة تعزز هذه الفكرة وتدعمها بشكل كبير
جدا ، وكمثال بسيط لهذه النقطة ، نستطيع أن نقول بأن الجسيم الذري قد يتحول في
رمشة عين إلى جسيم خلوي أو العكس ، وهذا ما أكده العالم الفيزيائي الدانماركي نيلز بور حيث قال أن الجسيم الكمي ، لا
يتواجد على حالة واحدة مستقرة ، بل يتصرف تصرفات عشوائية تغذي كافة الإحتمالات في
نفس الوقت ، مثل ما هو الشأن بالنسبة للفوتون ، أي أنه يتصرف كجسيم وكموجة في نفس
الوقت ، هذا التعبير يفضي بنا إلى النظرية التي تدعم العقل الكوني ، فمثلا الإنسان
يستطيع أن يتصرف تصرفات ، أو أن يتخذ قرارات عشوائية في حياته ، تكون محتملة وغير
محسوبة ، لاكنها نابعة من عقل واعي ومدرك ، حيث خرج نيلز بور بتفسيرين مهمين جدا وهما : دالة الموجة وهي إجمالي مجموع الحالات للشيء
الكمي ، والوضع الفائق هو حالة العنصر الكمي الموجود في كل
حالاته الممكنة في نفس الوقت .
أطروحة الدنماركي نيلز بور عرفت عند الفيزيائي فيرنز هايزنبرغ بمبدأ عدم اليقين ، حيث اقترح فرضية
تقول بأن الأجسام الكمية بمجرد النظر إليها فنحن نأثر على سلوكها وعلى حركاتها ،
لذالك لا يمكن أن نتأكد بشكل دقيق من طبيعة الشيء الكمي ولا صفاته في وقت معين ،
أي طبقا لفرضية لنيلز بور ، فبمجرد النظر للعنصر الكمي ، فنحن
نؤثر على سلوكه بإلغاء حالة الوضع الفائق ، وإجباره على اتخاذ حالة ضمن دالة
الموجة ، أي أننا نغوص في عالم من الإحتمالات الضمنية ، وهذا ما يتفق عليه علماء
الفيزياء عند رصد شيء كمي .
هيو إيفيريت كان معجب جدا باقتراح الفيزيائي نيلز بور ، وكان من أشد المهتمين بفكرة دالة
الموجة والوضع الفائق ، لاكن اختلف مع نيلز بور في فرضية مهمة جدا ، وهي فرضية
الأكوان المتوازية ، أي أن الشيء الكمي عند قياسه لا يعطينا إجمالي مجموع
الإحتمالات ، أو ما سماه بور بدالة الموجة ، بل يتسبب في تفرع حقيقي يغذي كافة
الإحتمالات ، فمثلا جسيم الفوتون كما أسلفنا لكم ، تقول دالة الموجة لبور أنه
يتصرف كجسيم وكموجة في نفس الوقت ، لاكن إفيريت يقول بأن الفوتون يتفرع لعنصرين
اثنين ، واحد يلعب دور موجة والثاني يلعب دور جسيم ، أي بمعنى صريح وبسيط جدا ، أن
كوننا هذا تفرع لعدة أكوان عديدة ، وكل كون يعطي احتمال وارد جدا ، فمثلا استعمار
فرنسا للمغرب بدأ منذ سنة 1912 ، لاكن في كون آخر لا تزال الإمبراطورية العثمانية تحكم
، أو نستطيع أن نقول بأن الفوتون في كوننا هذا عبارة عن جسيم ، لاكن في كون آخر
فهو موجة ، وهذا يعني تفرع مادي بحسب نظرية هيو إيفيريت ، وليس تغذية نفس العنصر لكافة
الإحتمالات ، وهنا نلاحظ في نفس الوقت تناقض إيفيريت مع نيلز بور وهايزنبرغ ، أي
أن نظرية الأكوان المتوازية تتفرع ماديا وتتلاعب حتى بالأزمنة والأحداث ، وهذا
شخصيا قد يناقض ما جاء به الكتاب والسنة والله أعلى وأعلم
نظرية
الأوتار الفائقة
نظرية
الأوتار الفائقة نفسها خلقت جدلا كبيرا حول العالم ، وصنعت طفرة غير مسبوقة في علم
الفيقياء ، مخلفة ورائها مؤيدين ونقاد ، شأنها شأن باقي العلوم الأخرى ، لاكنها حقيقة
ولدت للإجابة عن تساؤلات كثيرة ، لطالما شغلت بال العلماء حول ما يسمى بالمستوى
النهائي ، ومكنت بذالك من ظهور فيزيائيين ومهتمين بمستويات ما تحت الكمية ، فبعد
ظهور نظرية النسبية العامة لآلبيرت
إنشتاين ، ظل هذا الأخير بقية حياته باحثا وراء هذا المستوى النهائي ، والذي من شأنه
أن يجيب عن كل أسئلة الفيزياء بدلائل لا تأقبل النقد .
هذه النظرية الشبحية التي سميت بنظرية كل شيء ،
وهي أصغر ما يسعى فيزياء الكم الوصول إليه ، أي أصغر شييء موجود في هذا الكون ، هذا
المستوى الأخير من شأنه أن يلغي النقد في علوم الفيزياء إلى الأبد ، لاكن من محاسن
الصدف ظهور نقلة جديدة من علماء الفيزياء ، لهم أفكار ونظريات جديدة تفند نظرية كل
شيء ، وتفتح عوالم أخرى نظرية في فيزياء ما تحت الكم ، سميت بنظرية الأوتار
الفائقة ، هؤلاء الفيزيائيون خلال أبحاثهم ، اكتشفوا نتائج مطابقة لما توصل إليه
إيفيريت حول نظرية الأكوان المتوازية .
وكنبذة تعريفية عن نظرية الأوتار ، فهي نظرية جديدة
ولدت على يد الفيزيائي الياباني الأمريكي ميشيو كاكو ، والذي قال بأن مركبات البناء
الأساسية لأي عنصر في الطبيعة ، سواء أكان مادة أو طاقة ، فهي تقبع في مستويات ما
تحت الكم ، وهي عبارة عن أربطة أو أوتار من نسيج غير معروف ، هذه الأوتار لها
القدرة على تصنيع جميع أشكال الجسيمات الكمية ، كالبروتونات والبوزيترونات والذرات
، وذالك عن طريق ذبذبات تصدرها مثل أوثار القيثار ، إلا أنها أصغر بكثير من هذه الكواركات أو هذه الجسيمات ، هذه الذبذبات هي
التي تؤدي إلى نشوء مختلف القوى الموجودة في الكون ، وتتحكم حتى في نوع المادة
وسلوكها ، أي أن نسيج الكون ما تحت الكم عبارة عن عزف موسيقي لا متناهي ، ووفقا
لنظرية الأوتار فإن هذا التذبذب أو العزف يتحقق في 11 بعد منفصل ، هذه الأبعاد
سنناقشها في موضوع منفصل إنشاء الله ، كي لا نشتت تفكيركم وندخلكم في أمور بعيدة
عن سياق الموضوع ، فقط ما يهمنا هو هذه الأبعاد التي من المحتمل أن تشكل فعليا
أكوان متعددة في العالم المحسوس ، وخلافا لكل ما سبق ، فإن العالم ميشيو كاكو اكتشف حلول لا حصر لها لمعادلات
الأوتار الفائقة ، إذ أن هذه الحلول كلها تشير إلى حقيقة وجود أكوان متعددة ، وطبقا
للنظرية ، فإن هذه الأكوان تشبه فقاعات أو كرات متعددة في نسيج الوجود اللامتناهي ،
وأي تداخل أو تفاعل بين هذه الأكوان ينتج عنه انفجار عظيم ، كالذي شكل كوننا هذا .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها