ماشطة بنت فرعون
مقدمة | مرحبا
: شخصية تاريخية لم يحفظ التاريخ لها اسمها , فصارت قصتها محفوظة في دواليب
الروايات وعلى الألسنة ، حتى صارت لربما أسطورة تاريخية جائز الضرب في مصداقيتها ،
هذه الشخصية التي لم توثق ولم يصن مجدها وشهامتها ، كانت لامرأة مؤمنة صاحبت زمن
فرعون ، لتضل قصتها مجرد رواية تتناقلها الألسنة ، وتجوب صفحاة التاريخ بدون سند
ولا عنوان ، هذه المرأة التي سيقت نحو الموت رفقة خمس من أولادها ، وقايضها
الفرعون بالكفر مقابل الحياة ، فرفضت الردوخ للردة وقررت أن تموت شريفة عفيفة ، فما
ذكر من روايتها سوى ما جاء على
لسان جبريل عليه السلام ، وتحديدا في ليلة الإسراء والمعراج ، حيث جاء في المسند عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :《لما كانت الليلة
التي أسري بي فيها ، أتت علي رائحة طيبة ، فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة
؟ فقال : هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون 》إلى آخر الرواية .
أحبابي
المحترمين قبل البدئ في نسج هذا البساط التنويري ، لا بأس أن نلتمس دعمكم المبارك
، وأن ننعم بمنكم المتواصل علينا عن طريق الإشتراك وتفعيل جرس التنبيه كي تتسنى
لنا إمكانية المواصلة والمواضبة على طرح المستجدات ، كما سنشارككم روابط حساباتنا في
صندوق الوصف ، لكل من أراد أن يتواصل معنا أو أن يشاركنا برأيه .
ماشطة
ابنة فرعون .
العرض : اصطلح
عليها هذا اللقب لسببين ، السبب الأول هو اسمها الغير مذكور في الروايات ، والسبب
الثاني هو كونها كانت تمشط شعر بنات فرعون، وكانت تسهر على تربيتهم ورعايتهم
كمربية وخادمة ، هذه المرأة الصالحة التي واكبت فترة حكم فرعون ، وزامنت حقبة تسلط
وتجبر وكفر مبين ، كانت امرأة تقية من أهل الإيمان وأهل التقوى ، وكانت تعيش في
كنف رجل صالح ومؤمن وتقي ، لاكن كان من المقربين لعهدة الملك ، هذا الزوج الذي
أجهز عليه الفرعون مباشرة بعدما علم بأمر إيمانه ، حيث اتسمت هذه الفترة من حكم
فرعون بالصرامة وقطع الرقاب ، لكل من سولت له نفسه عبادة إلاه غيره ، فكان
المؤمنون يتكتمون عن إيمانهم خشية النيل منهم ، وكانت ماشطة ابنة فرعون واحدة من تلك
الأقلية الذين آمنوا بنبوئة موسى عليه السلام ، فبعدما قتل زوجها أجبرت على مسايرة
العمل في قصر فرعون ، بغية الإنفاق على خمس يتامى من أولادها ومن ضمنهم رضيع ،
وكانت مجبرة كذالك على إخفاء إسلامها ، والتكتم عن أمرها للنجاة من بطش الملك ، لكن
ذات يوم وبينما هي تمشط شعر بنت فرعون ، سقط المشط من يدها فانحنت لتناوله من
الأرض قائلة بسم الله
، فسألتها مباشرة بنت الفرعون أتقصدين
أبتي ، فأجابت غاضبة ، كلا
بل أقصد ربي وربك ورب أبيك ، فما لبثت البنت كثيرا حتى أخبرت
والدها عن أمر الخادمة ، ما حرك غضب الفرعون وسيطر على أعصابه كثيرا ، نظرا لوجود أحد
من رعاياه وفي ملكيته يعبد غيره ، فأرسل مرسولا لإحضارها ليستنطقها ويستفسرها عن
ما جرى ، فما إن حضرت حتى وجه لها سؤالا مباشرا من ربك ؟ فأجابت بلا ريبة ولا شك ربي وربك الله ، فاشتد غضبه وأمرها بالتراجع عن عبادتها والإرتداد عن
دينها فورا ، إلا أنها أبت أن تقايض الإسلام بالكفر ، وأن تبيع آخرتها مقابل دنياها
، وخصوصا لقاتل زوجها وميتم أولادها ، ما أجبر الفرعون على عدم التوان والتهاون في
إنزالها أمام أمر الواقع ، وإخضاعها لسيطرته عن طريق الإكراه ، حيث أمر جنوده بأن
يحضروا له قدرا كبيرا من نحاس ، ويملؤوه بالزيت ثم يضعوه فوق النار ليغلي ، وما إن
اشتدت حرارة القدر وأوشك الزيت على الغليان ، حتى أمر بإحظار الماشطة رفقة خمس من
أولادها ، لتطرح بذالك أمام أمر مقدر ، ولتخير بين الكفر والإيمان ، فلما رأت
العذاب المميت أقبلت عليه طمعا في الشهادة والجنة ، ولم تتهاون ولو طرفة عين في مواجهة
المصير ، لاكن مكر الفرعون كان غير متوقعا وكان بأسه شديدا ، حيث أراد أن يعذبها
نفسيا قبل الإجهاد عليها لعلها تهتدي لدينه وترتد عن دينها ، حيث أمر بإحضار أبنائها
الصغار إلى غرفة التعذيب لأنهم أحب الناس إليها ، ولأنهم بمثابة العصب الوركي الذي
تناظل لأجله ، فما إن أقبلوا إلى الغرفة حتى التسقوا بأمهم وهم يجرون ثيابها ويبكون
في رهبة ، فحملت أصغرهم سنا وألقمته ثديها لحين غرة ، وأحاطت البقية بيديها ، فما
هي إلا لحظات حتى أمر فرعون بتقديم الولد الأكبر ليلقى في القدر ، فأقبل الجنود لجره
وهو يصيح ويتوسل إليهم ، لعل الله يزرع بذرة الرحمة في قلوبهم ، لاكن هيهات هيهات
، فما هي إلا لحظات حتى أنقع في الزيت ، لتطفح عضامه بعد برهة من الزمن ، وهم
يبكون ويغطون أعينهم من فضاعة المشهد ، فيا لهول المنظر ويا لمرارة الفراق ، هذه الأم
التي أمدها الله بصبر ما بعده صبر ، وما هي إلا لحظات فاصلة حتى أمرها الفرعون
بالتراجع عن دينها ليعفو عن البقية ، لاكن شدة الإيمان بالله وتمسكها بالعروة
الوثقى ، أجبرها على التمسك بدينها وربها ، فما هي إلا نفس زكية تخرج وتلقى الله ،
فاشتد غضب الفرعون لعكننة هذه المرأة ، ليأمر بالولد الثاني ، وما هي إلا لحظات
حتى سيق نحو القدر وأنقع فيه بنفس المشهد الأول ، ليعيد الفرعون طرح المقايضة من
جديد ، فما من خيار يذكر سوى المضي نحو جوار الرحمان ، ليأمر بعدها بالولد الثالث
ثم الرابع .
وذكرت بعض المصادر والروايات ، أن الطفل الرضيع لما انتزع
من حضن أمه وقد التقم ثديها ، أنطقه الله الذي أنطق كل شيء ، إذ قال لها اصبري يا أماه فإنك على حق ، أكيد أن الله على كل شيء قدير ، وأنه إذا أراد شيء فإنما
يقول له كن فيكون ، وكوجهة نظر فقط ، فصبر هذه المرأة يستحق أكثر من ذالك ، فسبحان
الله ، فبعدما ألقي في القدر جاء دورها ، لتساق نحو الموت راضية بمصيرها ، فما إن بلغت
اللحظة الحاسمة ، حتى التفتت إلى فرعون قائلة له ، لي إليك بحاجة ، فأجبها قائلا وما حاجتك ، فقالت ، أريدك أن تجمع عظامي وعظام أولادي وتجعلهما في قبر واحد ، فوافق الفرعون على هذا الطلب وكان أمر الله مفعولا ، فماتت
الماشطة ومات أولادها ، لتأتي الرواية على لسان جبريل عليه السلام في ليلة الإسراء
والمعراج ، بعد أن اشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم رائحة طيبة متسائلا عن
مصدرها ، ليجيبه جبريل عليه السلام إنها لماشطة ابنة فرعون وأولادها .
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان ليكم أي استفسارأو معلومة يرجى تضمينها