القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة المرأة التي عادت إلى الحياة بعد 3000 سنة

 

قصة المرأة التي عادت إلى الحياة بعد 3000 سنة

بسم الله الرحمان الرحيم

عادت إلى الحياة بعد 3000 سنة
عادت إلى الحياة بعد 3000 سنة


ولدت لويس دوروتيه في السادس عشر من يناير 1904 بضواحي لندن ، في المملكة المتحدة داخل بيت بسيط ، ومن أبوان بسيطان ذوي أصول إيرلندية ، بدأت قصتها في سن الثالثة من عمرها وتحديدا سنة 1907 , إذ خلف حادث سقوطها من أعلى السلالم طفرة نوعية حولتها من شخصية إلى شخصية أخرى ، بعدما كانت تلهوا في بيت عائلتها القابع في ضاحية بلاك هارت ، سقطت دوروتيه من أعلى السلالم وارتطم رأسها بقاعدة الدرج ، ما أدخلها في غيبوبة أفقدتها حياتها ، خلال مدة زمنية قصيرة ، وبعدما تم إجراء جميع الفحصات الطبية عليها ، أعلن الطبيب وفاتها إكلينيكيا ، وأمر الأبوان بتجهيز مراسم الدفن فورا ، لاكن بعد مرور ساعة من الزمن وبعد عودت والدها مباشرة ، وجدوا درورتيه تلعب على سريرها وكأنها لم تكن مصابة أبدا ، لاكن لوحظ خلل طفيف في طريقة كلامها وتواصلها مع أهلها ، إذ بدأت تظهر عليها بعض أعراض متلازمة اللكنة الأجنبية ، وتغيرت طريقة كلامها تغييرا ملحوظا ، لاكن لم يمضي وقت طويل على الحادثة حتى بدأت تظهر سلوكيات غير اعتيادية وتبكي بشدة ، وكلما سألتها والدتها عن السبب تقول أريد العودة إلى المنزل ، حيث كان قصدها في تلك المرحلة العمرية مصر القديمة ، لاكن لم تكن تملك قوام عقلي ناضج وقادر على التواصل ، فكان والدها بين الحين والآخر يصطحبها إلى الكتلة الكاتوليكية ، التي كانت تحبها بشغف وبحب ، كون أن تلك الطقوس التي تقام هناك والكاتيدرائيات المزخرفة تذكرها بموطنها المزعوم ، لاكن لم يتم اكتشاف لغزها المحير بخصوص العودة إلى الديار ، إلا بعد اصطحاب والدها لها للمتحف البريطاني في سن الرابعة ، وخلال زيارتهما للأروقة ، صبت نظرها على بعض الجداريات والصور في غرفة المعارض بالمملكة الجديدة ، وما لبثت كثيرا حتى رأت صورة لمعبد سيتي الأول والد رمسيس الكبير ، قائلة هذا هو منزلي وهذه هي عائلتي ، لاكن لا أرى الحدائق والأشجار التي كانت بجوار المعبد ، ثم تقدمت بعدها إلى غرفة المعروضات المصرية الفرعونية ، فنزعت حذائها وبدأت تهرول وتنحني على التماثيل الحجرية لتقبل أقدامها ، حيث دخلت في هيستريا مع كل الحاظرين في تلك الغرفة ، وبدأت تأمرهم بنزع أحديتهم احتراما لمكانة ذالك المكان المقدس بالنسبة لها ، وهذه الصفة خلقت لها مشاكل وتحديات خلال مرحلة طفولتها ، لأن صفتها الجديدة بعد الحادثة جعلتها تقدس الحظارة والديانة المصرية بشكل ملفت ، وصارت تؤمن إيمان قطعيا بأن مصر هي بلدها الأم وأن الفراعنة هم أهلها وأصولها ، وكانت لا تقيم وزنا لأية ديانة أخرى مقارنة بديانة الفراعنة ، ما تسبب في طردها من المدرسة خصوصا بعد امتناعها عن إلقاء ترنيمة ، أو نشيد كان يقام فيه دعاء على لعنة الفراعنة .

كانت دوروتيه تستغل أي فرصة لزيارة هذا المتحف الذي أحيا ماضيها المزعوم ، إلى أن بلغت سن العاشرة ، ما لفت انتباه عالم الآثار الإنجليزي إي واليس بادج ، والذي ألهمه حبها وتعلقها بحظارة وتاريخ مصر القديمة ، فقرر مساعدتها في تعلم اللغة الهيروغليفية كي تستطيع الإعتماد عليها في حياتها المستقبلية ، بحيث انبهر بطريقة تليقها لهذه اللغة وسرعة تعلمها لها ، وكلما سألها عن نباهتها الفائقة ، كانت تقول له بأن هذه اللغة كانت تعرفها من قبل ونسيتها لحظيا .

وخلال فترة الحرب العالمية الأولى ، انتقلت إلى بيت جدتها في ساسكس خوفا من الغارات الجوية ، وهناك أكملت دراستها عن تاريخ مصر في المكتبة العامة إيستبورن .

وعند بلوغها الخامسة عشر من عمرها بدأت تظهر عليها بعض السلوكات الغريبة ، كالمشي أثناء النوم وادعائاتها بخصوص رؤيتها لمومياء سيتي الأول ، الأمر الذي أجبرها على الرقود في مصحات للعلاجات النفسية .

وفي سن السادس عشر انفصلت عن الدراسة كليا ، ما أتاح لها فرص التنقل بين متاحف بريطانيا ، وزيارة جل المواقع الأثرية ، الأمر الذي أثار فيها رغبة الإمتلاك من خلال اقتنائها لبعض الآثار المصرية البسيطة بأسعار متفاوتة ومعقولة ، لاكن في سن السابع عشرة التقت صدفة بشخص مصري اسمه إمام عبد المجيد ، بعدما كانت تشتغل في مجلة العلاقات المصرية بلندن ، هذا الشخص الذي كان طالبا أنذاك ارتبط بها بعد صداقة دامت لعشر سنوات تقريبا ، وبعد تخرجه كأستاذ للغة الإنجليزية تزوج بها ، وانتقلا ليعيشا في أحظان مصر سنة 1931 , كان مشروع الزواج هذا فرصة لا تعوض بالنسبة لدوروتيه ، لأن حلمها سيتحقق بالعودة إلى الديار .

وبمجرد وصولها لمصر انحنت وقبلت أرضها معلنتا بذالك عودتها إلى الديار ، ثم عاشت في مدينة القاهرة مع زوجها إمام عبد المجيد ، وفي كنف أسرته لمدة لا تتجاوز 4 سنوات ، منجبة طفلا سمته سيتي نسبة لمعبد سيتي ، وكما هو معروف على ثقافة مصر أن الآباء والأمهات يسمون نسبة لأبنائهم ، ما جعل ساكنة القاهرة يطلقون عليها أم سيتي .

وفي عام 1935 انفصلت أم سيتي عن زوجها إمام عبد المجيد ، بعدما أتيحت له فرصة التدريس في العراق ، بحيث لم يستقر مكوثها هناك إلا سنتان ، بعد أن ادطرت إلى الرحيل للعيش في منطقة قرب أهرامات الجيزة ، تسمى بنزلة السمان ، هذا المكان الذي أتاح لها فرصة العيش أمام معتقدها وجها لوجه .

الأمر الغريب الذي كان يصاحبها في فترة مبكرة ، وهو أحلام كانت ترى فيها تجسيد لروح الإلاه حورع ، هذا الإلاه الذي كان يزورها كل ليلة ويملي عليها كلمات وجمل مبعثرة من اللغة الهيروغليفية ، إذ كانت تقوم من فراشها ليلا وهي نائمة ، لتقف قبالة النافذة حاملة مذكرتها وقلمها ،  فكانت تكتب كل ما كان يملي عليها هذا الإلاه ، حيث استمرت أحلامها واتصالها بحورع سنة كاملة ، استطاعت خلالها أن تكتب 70 صفحة من اللغة الهيروغليفية المبعثرة ، فكانت تناسق هذه الجمل والكلمات إلى أن استطاعت تجميع نص يروي سيرتها الذاتية في مصر القديمة سنة 1972 ، فما اكتشفته من خلال هذا الوسيط الروحي كان أعمق من الخيال ، حيث استطاع أن يصف لها حياتها السابقة ومن تكون .

أم سيتي اكتشفت من خلال تجميع النص أن اسمها الحقيقي هو بنت ريشيت وليس دوروتيه ، هذا الإسم الذي يعني قيثارة الفرح ، وهي فتاة فرعونية يعود تاريخها لحكم الملك سيتي الأول ، في فترة ما بين سنة 1279 و 1290 قبل الميلاد ، كما كانت تنتمي لعائلة بسيطة جدا من أب جندي وأم بائعة للخظر ، توفيت والدتها عندما بلغت من العمر ثلاث سنوات ، ما أجبر والدها الذي لم يستطع تحمل مشقة تربيتها ، على إدخالها لمعبد أبيدوس كي تكبر وتترعرع ككاهنة في خدمة الإلاه .

وبعدما بلغت بنت ريشيت الثانية عشر من عمرها سئلها كبير الكهنة ويدعى أنطيف ، فيما إذا كانت ترغب في العيش خارج المعبد أو أن تبقى عذراء مكرسة في خدمة الإلاه ، ونظرا لغياب النضج الكامل في هذا السن المبكر ، أخذت عهود على نفسها بالبقاء في المعبد كعذراء دون وضع هامش للعاقبة ، فتعلمت لعب بعض الأدوار الدرامية والتي كانت تقام سنويا لري شغف أوزوريس الكبير ، وهذا الدور كان يوكل فقط للكاهنات البكر في تلك الفترة .

فلفتت انتباه أوزوريس الذي زارها يوما وتحدث إليها وصار عشيقان في السر لفترة ، إلى وقعا في الرذيلة وحملت منه ، وبعد فترة من ظهور الحمل اكتشف أمرها ، ما أرغم الكاهن الأعلى على الدخول في الخط لفهم الحقيقة ، لأن هذا الحمل مناقض للديانة المصرية وعقوبته الموت ، وخصوصا إن كان الأمر يتعلق بكاهنة معبد ، ما أجبرها على الإعتراف بالذنب وتحمل نتائج الخطأ ، لاكن حبا في أزوريس وخوفا على مكانته السياسية فضلت بنت ريشيت الإنتحار ، عوض أن يعدما ويكشف أمر أوزوريس .

هذه القصة هي التي رواها الإلاه حوراع عندما كان يزور دوروتيه كل ليلة ، لاكن هل تناسخ الأرواح حقيقة أم خيال لا يوجد دليل مادي ملموس على كونه موجود .

 

أم سيتي أو حارسة المعبد أو عشيقة الفرعون ، قدمت إسهامات كثيرة في علم آثار المصريات ، وامتحنت مهن كثيرة إلى جانب علماء مصريون كبار كأحمد فخري وسليم حسن ، خصوصا في فن الرسم وترجمة اللغة الهيروغليفية ، كما ادعت في أوائل السبعينيات أنها تعرف مكان قبر نيفر تيتي ، والذي لا يزال محط بحث إلى غاية الآن ، لاكن كانت مترددة في إفشاء هذا المكان لأنه يخالف الدين المصري القديم ، وقالت بأن قبر نيفر تيتي قريب جدا من قبر توت عنخ أمون ، ونظرا لقرب عملها من الأهرامات ، فقد كانت تصلي للآلهات المصرية بشكل منتظم ، وتقدم لهم عروضا ، وأحيانا كانت تقضي كل الليل بجوار الهرم لممارسة طقوسها الدينية القديمة في أبو الهول ، حتى صارت موضع القيل والقال من طرف ساكنة القرية التي تقطن بها ، لاكن وبالرغم من ذالك فقد كانت تحترم أناس القرية وتشاركهم الحفلات والمناسبات الدينية ، وكان أناس القرية يبادلونها نفس الإحترام لصدقها مع نفسها ومع محيطها .

وقبل وفاتها كانت توصي بأن يكون قبرها بالقرب من معبد سيتي ، ونظرا لأن دينها مختلف تماما ، فقد كانت مؤمنة بأن المسلمين والمسيحيين لن يقبلوا بأن تدفن في مقابرهم ، فقامت بتشييد قبر لها تحت الأرض ، وصنعت له مدخل يقود للعالم الآخر بحسب المعتقد القديم ، في حين أن موضفي بيت شيكاغو قدموا لها تمثال لتزيين قبرها من الداخل ، لاكن بعد وفاتها في 21 أبريل 1981 ، رفضت السلطات المحلية دفنها في القبر الذي قامت بتشييده ، ما أجبرهم على دفنها في قبر لا يحمل أية علامات في الصحراء بالقرب  من مقبرة قبطية باتجاه الغرب ، وفقا للمعتقد المصري القديم .

author-img
أبو محمد ابن يمين باحث متواضع في مجال التعدين و الآثار و حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 بمدينة فاس ثانوية سيدي ابراهيم شعبة العلوم التجريبية ، جاب خلال حياته مجموعة من المجالات منها الفني والثقافي والحضاري إلى أن حط الرحال في مجال البحث عن الثراء من خلال ميدان التنقيب عن المعادن والأحجار الكريمة إضافة إلى مجال الأسياخ النحاسية التي بدأ يدرس أسسها بطرق فيزيائية علمية منذ 3 سنوات أي في سنة 2017 تحديدا حيث نال مرتبة متوسطة و متواضعة إلى حد ما فيما يخص الكشف عن الفراغات والدفائن والمياه الجوفية ، وفي الفترة الأخيرة من سنة 2019 بدأ يهتم بمجال الإشارات وفك رموزها انطلاقا من الحظارات القديمة والعادات القبلية التي جاءت مصاحبة لكل حظارة كما يتمنى أن يرقى بمستواه الفكري ومستوى كل قارئ وزائر لهذه المدونة المتواضعة وبفضل الله وفضلكم سنحقق المستحيل إنشاء الله

تعليقات