كيف تصبح خبير في التنقيب

بسم الله الرحمان الرحيم

كيف تصبح خبير في التنقيب

من المعروف أن ميدان التنقيب في العالم قبل أن يكون هواية الكثيرين أو مصدر من مصادر الرزق ، فهو علم قائم بذاته كباقي العلوم الأخرى المتنوعة ، وله مقومات وقوام وأسس علمية وجيولوجية وجيوغرافية ، وشروط أيضا مفروضة على الباحثين في هذا المجال من المفروض فهمها قبل التوغل في عمق التجارب والأخذ بزمام الأمور ، وما سنتقدم لكم به من خطوات ومفاهيم علمية في هذه المقالة كلها مستوحاة من صلب الميدان والتجارب والأبحاث الميدانية ، وكدى التنقيب العشوائي ودراسة أنواع التربات وبعض الأحجار الدلالية التي أوصلتنا لسك قواعد علمية ثابتة في الكتب ، وبفضل الخبرة والحنكة تمكنا من فهم جزء من هذا العلم ، سنحاول تبسيطه قدر المستطاع .

_ مواضيع ذات صلة

طرق التنقيب عن الذهب في الأودية

ثروات تقدر بالملايين ملقاة في الطبيعة

_كيف تشكلت الأرض

لقد تشكلت المعادن في الأرض بشكل غير منتظم عبر حقب جيولوجية سحيقة في القدم ، إذ أن الأرض منذ الإنفجار الأعظم انسلخت عن القطعة الصلبة أو ما يسمى بالكون الأصلي على شكل قطعة عشوائية وغير منتظمة ، لاكن عامل الحرارة المرتفعة جراء هذا الإنفجار أدى إلى اشتعال الأرض أو تلك القطعة العشوائية وألقى بها نحو المجهول بسرعة منتظمة ومتباطئة مع مرور الزمن ، وأيضا بحركة دائرية قوية جدا أدت إلى لولبة الأرض على شكل بيضوي ، لأن عامل الحرارة يؤدي إلى الليونة وعامل الدوران القوي يؤدي إلى اللولبة ،  ما يؤكد صحة نظرية بيضاوية الأرض ، وشيء مهم آخر هو أن كوكب الأرض عندما بدأت تخمد من النيران والحمم السطحية بفعل الإنفجار الأعظم بدأت الحرارة تتوجه نحو مركز ونواة الأرض ، وهذه الظاهرة اكتشفناها بتجارب ميدانية قمنا بها ، ويمكنكم أيضا القيام بها وذالك عن طريق إحضار كرة حديدية une boule مثقوبة بثقب يصل لمركز الكرة ، بعد ذالك نقوم بإدرام النار عليها حتى تصير بيضاء ، ثم نتركها لفترة معينة حتى تصبح دافئة من السطح ، بعد ذالك نقوم بقياس درجة الحرارة على سطح الكرة وأيضا ندخل المحرار بداخل الثقب لنقيس حرارة النواة ، ستلاحظون أن الحرارة السطحية أقل بكثير من حرارة النواة ، وأن حرارة النواة مرتفعة بشكل ملحوظ جدا ، وهذه التجربة ستوصلكم إلى حد كبير من فهم نشأة الأرض وأيضا فهم لكيف صارت اللافا تتمركز في نواتها ، المهم هو الطبقات الأرضية التي تشكلت بعدما برد سطح الأرض وهي بيت القصيد من هذه الظاهرة الفيزيائية الكونية .

كيف تصبح خبير في التنقيب

_الطبقات الأرضية السطحية

الطبقات السطحية للأرض منذ نشأتها كانت تحمل كل العناصر الفيزيائية والكيميائية المشكلة لها على وجه الخصوص ، ما جعل الأرض غير مستقرة فيزيائيا من حيث المركبات ذات الكثافة المتفاوتة والتي تتمركز في نفس الطبقات ، ما أدى إلى تداخل وخلط جميع هذه المعادن مع بعضها إثر صغر حجمها ، بحيث تشكلت هذه الطبقات الكبيرة للأرض والعملاقة إثرعامل الكثافة النوعية ، بمعنى أن الطبيعة احترمت مبدأ الغلبة الأقوى ، الشيء الذي يفيد بأن المركبات الفيزيائية تشكلت بشكل عشوائي لصغر حجمها لاكن الطبقات الأرضية الكبيرة والعروق المعدنية احترمت خاصية الكثافة أو الجاذبية النوعية ، لاكن الأحجار الكريمة والجيوب الحاضنة لها تشكلت بفعل الضغط والترسبات التي تلت تشكل الغلاف الجوي للأرض مباشرة .

_ البراكين والدرواة المحيطية

إن من البديهي والمعروف لدينا أن البراكين والدرواة المحيطية نشأت إثر الضغط الباطني للنواة والإفرازات الغازية التي تتراكم مع مرور الوقت والزمان ، والقاعدة تقول أن الضغط يولد الإنفجار ، لذالك فإن هذه الغازات تبحث عن منافذ لها كي تتحرر خارجا ، فتبحث عن أي طبقة تمتاز بأقل مقاومة ، وتدفع بها نحو أعلى ما يشكل لنا مظهر دورة أو حذوة جمل فتتحرر بعد ذالك هذه الغازات شيئا فشيئا ، أما إن لم تجد منفذا ولم تجد منطقة لها أقل مقاومة فيرتفع الضغط شيئا فشيئا حتى يحدث الإنفجار سواء في البراكين القارية أو المحيطية لتشكل بذالك طبقة أخرى من الأرض تكون أكثر غنى بالمعادن والفلزات ، فأما المعادن فتتفرد على شكل عروق بسبب تطابق الكتلة الحجمية وتبحث عن أي منفذ أو تصدع تحت سطح الأرض لتمر عبره ، لأن صهارة المعادن تكون جد مائعة مقارنة بصهارة الصخور ، وأما الباقي قتلقي به شدة الإنفجار خارجا ، إذن فإن الدورات البركانية والحمم التي تخرج من فوهة البراكين منذ ملايين السنين كانت تلقي بأصناف عديدة من المعادن خارج القشرة الأرضية وحتى بداخلها ،  إذ من المحتمل أن تكون سطحية أو على أعماق متفاوتة تحت طبقات الأرض ، أما الفلزات الأقل كثافة تفضل متداخلة مع عروق المعادن وغيرها .

إذن نستفيد من خلال كل ما ذكرناه أن البراكين هي الوحدة الأساسية في عملية تشكل المعادن وحتى الأحجار الكريمة ، والتي كانت تتوغل بداخل جيوب أو شقوق الجبل البركاني فتتعرض لبرودة منخفظة وضغط معين حتى تستطيع أن تتشكل البلورات .

_ الكثافة أو الكتلة الحجمية للمعادن

إنه من الغريب إدخال هذه العملية الحسابية صلب الموضوع ، لاكنها بغض النظر عن قسمة الكتلة على الحجم لاستخلاص ناتج الكثافة المتعلقة بأي مادة ، إلا أن لها أساس علمي غير ذالك كيف ذالك ؟ بما أن للمعادن والأحجار الكريمة كثافة  قابلة للطعن بسبب تدخل عامل الشوائب والتي تتغير من منطقة لأخرى ، فإن الفلزات التي تشكلها أيضا لها كثافة معينة لاكن منتظمة وغير متغيرة بعكس المعادن ، وخلال النشاطات البركانية قبل وبعد نشأة الأرض فإنها تداخلت بشكل عشوائي مع جميع العناصر المكونة للطبقات السطحية للأرض ، لاكن بعد تشكل الغلاف الجوي للأرض أصبح هناك عامل طبيعي آخر مظاف لباقي الظواهر البدائية الأخرى ألا وهو عامل المطر وعامل التعرية ، فأصبحت الأمطار المتتالية قادرة على دفع تلك الفلزات العشوائية نحو الأسفل بحسب كثافتها فمثلا لدينا فلز كثافته 0,03 غرام على سنتمتر مكعب فمن المرجع أن يستقر على عمق معين وتحديدا تحت الفلزات الأقل كثافة منها وفوق الفلزات الأكبر منها كثافة ، لتشكل بذالك طبقة أو بالأحرى عرق من ذالك الفلز ، وأحيانا تتداخل مجموعة من الفلزات بهذه الطريقة خلال حقب جيولوجية عديدة لتشكل لنا بلورات منتظمة من نوع ما من الأحجار الكريمة أو الشبه كريمة ، وذالك عن طريق احترام درجة الحرارة والظغط .

_ كيف تصبح خبير تنقيب

كيف تصبح خبير في التنقيب

هذا هو بيت القصيد من كل ما ذكرناه سابقا ، إذن لو قمنا بدراسة مخبرية لأي منطقة ، وذالك عن طريق أخذ عينات من التربة وفحصها كيميائيا سنجد كل تلك العناصر الفلزية ما زالت موجودة حصريا على سطح الأرض ، وبذالك تكون لنا رؤيا عما ينتظرنا تحت سطح الأرض وعلى أعماق منتظمة ، فمثلا فحصنا عينة فوجدنا معدن السيليكا ومعدن البيريليوم وأيضا الألومنيوم ، فأول شيء يتراود لذهننا أن هذه المعادن تدخل في التركيب الكيميائي لأحجار البيريل ، أو من المحتمل الحصول على أصناف أخرى حاملة لأحدى هذه المركبات ، لاكن كيف للباحث الهاوي أن يتمكن من دراسة كل عينة على حدى مع تكاليف المختبرات وغيرها ، هنا نقصر المسافة ببعض الأبحاث الأخرى لدراسة الألوان الصخرية وأيضا الرملية ، فمثلا اللون الأخضر يوحي بوجود أكسيد النحاس أو النحاس الخام ، أما اللون البني والأسود فيدل على وجود الحديد ، وأما اللون الأزرق فهو دليل على وجود الألومنيوم والرصاص ، وبهذه الطريقة نتمكن من فهم بعض خصائص التربة ومكوناتها المعدنية دون اللجوء للمختبرات وغيرها ، أما إن كانت المنطقة المراد البحث فيها تمتاز بتواجد واد أو نهر فهنا نكون قد لخصنا أكثر من 100/70 من مجمل عملية البحث المضنية والمتعبة ونستطيع الحصول على كل المؤشرات التي نود البحث عنها .

_ الرواسب

دائما ما يعتمد خبراء التنقيب على أساليب منهجية في الميدان كالتي ذكرنا وأكثر ، فعلى سبيل المثال أماكن تجمع الرواسب خصوصا في سفوح الجبال وعلى امتداد مجاري السيول في الأودية القارة وحتى الموسمية ، فالرواسب تشكل تركيبة أي منطقة على حدى ، فيما يتعلق بالمعادن وكدى الأحجار الكريمة ، وحتى في بعض الصخور الرسوبية والتي تكون ظاهرة إثر عوامل التعرية المتجددة ، لذالك عزيزي الباحث دائما عندما تكون في خرجة استطلاعية استكشافية أن تكون دقيق الملاحظة وأن تهتم بكل التفاصيل التي تثير شكوكك ، بمعنى أن تتعامل مع الطبيعة بذكاء .